وأصل هذه السيرة هو ما وضعه أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن يسار المدني القرشي (١٥٢هـ) . وقد رواها ابن هشام عن أبي محمد زياد ابن عبد الله البكاني العامري الكوفي (١٨٣هـ)، عن ابن إسحاق (١) .
وقد تناول ابن هشام هذه الرواية التي وقعت له من سيرة ابن إسحاق، بكثير من التحرير والاختصار والإضافة، والنقد أحيانًا، والمعارضة بروايات أخر لغيره من العلماء (٢) .
ثم لهج الناس قديمًا وحديثًا بسيرة ابن هشام، حتى كادوا ينسون واضعها الأول. يقول ابن خلكان: "وهذا ابن هشام هو الذي جمع سيرة رسول الله ﷺ من المغازي والسير لابن إسحاق، وهذبها ولخصها.. وهي الموجودة بأيدي الناس، المعروفة بسيرة ابن هشام" (٣) .
_________
(١) من أهم روايات سيرة ابن إسحاق أيضًا، رواية أبي بكر يونس بن بكير بن واصل الشيباني (١٩٩هـ)، وقد رأيت من هذه الرواية قطعة تقع في سبع وسبعين ورقة، تشتمل على الأجزاء: الثاني والثالث والرابع والخامس (تجزئة قديمة)، وتاريخ نسخ الجزء الثاني سنة (٥٠٦هـ) . وهذه القطعة من محفوظات خزانة جامعة القرويين بفاس، وقد صورتها لمعهد المخطوطات بالقاهرة، في رحلتي إلى المغرب الأقصى عام (١٣٩٥هـ) .
وفي خزانة القرويين أيضًا نسخة من سيرة ابن هشام، بقلم أندلسي نفيس، كتبت سنة (٧١٩هـ)، وبحواشيها معارضات وتقييدات قيمة. والجزء الثالث من نسخة أخرى، بقلم أندلسي عتيق، على رق غزل. وصور ذلك كله في معهد المخطوطات بالقاهرة.
(٢) مقدمة تهذيب سرة ابن هشام، لشيخنا عبد السلام هارون ص١١.
(٣) وفيات الأعيان ٣/١٧٧.
1 / 44