بالذبح النخاع، وهو الخيط الأبيض، الذي يجرى في الرقبة. هذا اصله، ثم كثر حتى أستعمل في كل مبالغة. وهكذا ذكره في كتاب الفائق في غريب الحديث وكتاب الكشاف في تفسير القرآن، ولم أجده لغيره، وطالما بحثت عنه في كتب اللغة والطب، والتشريح، فلم أجد البخاع - بالباء - مذكورًا في شيء منها" (١) .
هذا كلام ابن الأثير، والأمر على ما قال، في كتابى الزمخشري: الفائق، والكشاف، وأيضًا جاء بعضه في أساس البلاغة (٢) .
قلت: هذا الذي تعقب به ابن الأثير، الزمخشري، وقد شاع في معاجم المتأخرين: ابن منظور، والفيروزابادي، والمرتضى الزبيدي. ويدل سياق هؤلاء جميعًا في كتبهم، على أن الزمشخري منفرد - دون اللغويين - بذكر "البخاع" بالباء الموحدة، حتى ليقول الزبيدي، بعد حكاية كلام ابن الأثير، والفيروزابادي: "قال شيخنا: وقد تعقب ابن الأثير قوم، بأن الزمخشري ثقة ثابت، واسع الاطلاع، فهو مقدم" (٣) .
فهذا كلام دال بوضوح، على أن الزمخشري منفرد بذكر هذا القول، وأن انفراده به لا يطعن فيه؛ لأنه ثقة مأمون.
وقد وقعت على نص عالٍ موثق، يدل على أن هذه التفرقة بين "البخاع" بالباء الموحدة، و"النخاع" بالنون، تفرقة قديمة، سابقة على الزمخشري المتوفى سنة (٥٣٨) . وذلك ما ذكره ابن فارس، المتوفى
_________
(١) النهاية ١/١٠٢.
(٢) الفائق ١/٨٢، ٨٣، والكشاف ٢/٣٣٥، في تفسير الآية الثالثة من سورة الشعراء، وهي قوله تعالى: ﴿لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين﴾ - والأساس، ترجمة (بخع) .
(٣) تاج العروس (بخع) .
1 / 30