فقد جمع ابن مظور في كتابه أصول المعاجم: الصحاح للجوهري، وحواشيه لابن برى، والتهذيب للأزهري، والمحكم لابن سيده، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير. وعول المرتضى الزبيدي على اللسان، مع ما أضافه من كتب الصاغاني: التكملة، والعباب. وكتب شيخه محمد بن الطيب محمد الفاسي المالكي، المتوفى بالمدينة المنورة سنة ١١٧٠هـ. إلى كتب أخرى صغار وكبار.
فكان النظر في هذين المعجمين الكبيرين مغنيًا عن النظر فيما سواهما، للذي قيل: "كل الصيد في جوف الفرا (١) ". لكني وقعت على ما يقتضي التوقف في هذا الحكم:
وذلك ما أثاره ابن الأثير، في النهاية، حين عرض لشرح حديث: "أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبًا وأبخع طاعة".
قال: "أي أبلغ، وأنصح في الطاعة من غيرهم، كأنهم بالغوا في بخع أنفسهم، أي قهرها وإذلالها بالطاعة".
ثم قال: "قال الزمخشري: هو من بخع الذبيحة: إذا بالغ في ذبحها، وهو أن يقطع عظم رقبتها، ويبلغ بالذبح البخاع - بالباء - وهو العرق الذي في الصلب، والنخع، بالنون: دون ذلك، وهو أن يبلغ
_________
(١) أصل هذا المثال أن قومًا خرجوا للصيد، فصاد أحدهم ظيبًا، وآخر أرنبًا، وآخر فرأ، وهو الحمار الوحشي. فافنخر الأول والثاني بما صادا، فقال الثالث: كل الصيد في جوف الفرا: أي جميع ما صدتموه يسير في جنب ما صدته. جمهورة الأمثال ٢/١٦٣، وانظر شرحه برواية أخرى في فصل المقال ص١١.
1 / 29