والصرف، مطروحة في مذكرات يمليها الأساتذة إملاء، أو يطبعونها طبعات مبتسرة، تنقص عامًا وتزيد عامًا، واختفى الكتاب القديم لتحل محله هذه المذكرات (١)، ودفع الطلاب دفعًا إلى الملل من قراءة الكتب - والملل من كواذب الأخلاق، كما قال عمرو بن العاص، ﵁ ولا بد لصلاح الحال من أن تكوى هذه القروح الممدة (٢)، وأن يستأصل هذا الداء الخبيث من قاعات الدرس الجامعي.
عودوا أيها السادة إلى المتون، عودوا إلى الآجرومية، وترقوا منها إلى ابن عقيل، وهو كتاب سهل رهو، علم أجيالًا، وأقام ألسنة، ولا تحتجوا علينا بالتيسير على الطلاب، ففي تراثنا النحوي كتب ذوات عدد، وضعت للناشئة والمبتدئين.
نعم، عودوا إلى الكتب الأولى، وضعوا الأستاذ الجامعي في حق وظيفته: وهي أن يخوض بالطلاب الجج هذه الكتب، وأن يسلك معهم دروبها، وأنقذوا الطلاب من ذلك البلاء المصبوب، والسم المدوف؛ إن بعض أساتذة النحو يكتبون في فلسفة النحو كلامًا غريبًا لا تعرف له أعلى من أسفل (٣)، كلامًا هو أشبه بتخاريف الشعر الحر، وكلام نقاده، كالذي وصفه أبو العلاء:
وما لأقوالهم إذا كشفت ... حقائق بل جميعها شبه
_________
(١) لست أمل من ذكر هذا والكشف عنه. راجع كتاب: مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي ص٨.
(٢) هذه الجملة من كلام شيخنا محمود محمد شاكر، العالي، وبيانه الرفيع.
(٣) كالذي قاله ذلك الأعرابي وقد حضر مجلس الأخفش ولم يفهم مما سمع شيئًا، فقال: "أراكم تتكلمون بكلامنا في كلامنا بما ليس من كلامنا" الامتاع والمؤانسة ٢/١٣٩.
1 / 17