إلى رجل من أعيان البلد ليحفظه، [٩] وسلّم برجا من أبراجها إلى إنسان يعرف بابن الراعونى (١).
ثم إن ابن الحتيتى أوحش هذا الرجل بكلام أغلظ له فيه، وكان شديد القوة، ورأى ما الناس فيه من ضيق الحصار، فراسل تاج الدولة يستدعيه، وواعده ليلة برفع الرجال إلى السور في الحبال، فأتى تاج الدولة [تتش (٢)] للميعاد، فأصعد الرجال في الحبال والسلالم، وملك تاج الدولة البلد.
واستجار ابن الحتيتى بالأمير أرتق فشفع فيه، وكان بالقلعة سالم بن مالك ابن بدران العقيلى - وهو ابن عم شرف الدولة [مسلم بن قريش (٢)]- فأقام تاج الدولة يحصر القلعة سبعة عشر يوما، ثم بلغه وصول مقدمة أخيه السلطان، فرحل عنها إلى دمشق.
وكان ابن الحتيتى قد كاتب السلطان [ملكشاه (٢)] ليسلم إليه حلب، فسار إليه من أصفهان، وعلى مقدمته الأمير برسق، وبزان (٣)، وغيرهما من الأمراء؛ وجعل طريقه على الموصل، فوصلها في رجب، وسار عنها ووصل إلى حرّان فسلمها إليه ابن الشاطر، فأقطعها الأمير محمد بن شرف الدولة بن بدران، ثم سار إلى الرّها - وهى بيد الروم - فحصرها وملكها، وكانوا قد اشتروها من ابن عطير.
ثم سار إلى قلعة جعبر، فحصرها يوما وليلة وملكها، وقتل جمعا من بنى قشير (٤)، وأخذ جعبرا صاحب القلعة (٥) - وكان شيخا أعمى - وولدين له، وكانوا يقطعون الطريق ويخيفون السبيل، ثم عبر منها الفرات، فملك مدينة منبج في طريقه.
_________
(١) كذا في الأصل، وفى ابن الأثير: «ابن الرعوى».
(٢) أضفنا ما بين الحاصرتين للايضاح.
(٣) كذا في الأصل، وفى ابن الأثير: «بوزان».
(٤) في الأصل: «بشير»، والتصحيح عن: (ياقوت: معجم البلدان، مادة جعبر).
(٥) ذكر (ياقوت: معجم البلدان) أن جعبر قلعة على الفرات بين بالس والرّقة قرب صفين، وكانت قديما تسمى «دوسر» فملكها رجل من بنى قشير أعمى يقال له جعبر بن مالك، ولما قصد السلطان جلال الدين ملك شاه بن أرسلان ديار ربيعة ومضر نازلها وأخذها من جعبر ونفى عنها بنى قشير.
1 / 17