النصيرى الاسفهسلارى (١) العالمى العادلى المظفرى المؤيدى، ملك الأمراء، مقدّم الجيوش، مبارز الدين، سيد الغزاة والمجاهدين، الملكى المنصورى (٢) أعز الله أنصاره، وضاعف اقتداره؛ إذ كان الله سبحانه قد خصّه من بين سائر أمراء عصره بالرأى الصائب، والفكر الثاقب، والفضل الغزير الباهر، والعقل الرصين الوافر، والأخلاق الكاملة الرضية، والمحاسن الجميلة السنية، ومحبة العلم والعلماء، وإيثار الفضيلة والفضلاء؛ وسمّيته: «مفرج الكروب في أخبار بنى أيوب» وبالله المستعان، وعليه التكلان.
_________
(١) اسفهسلار كلمة مكونة من لفظين، أحدهما فارسى وهو «أسفه» ومعناه المقدم، والثانى تركى وهو «سلار» ومعناه العسكر؛ فكأن معناها: «مقدم العسكر»، وقد استعمل هذا المصطلح في مصر في عهد الدولة الفاطمية، وكان حامله صاحب وظيفة تلى صاحب الباب وهو كما ذكر (القلقشندى: ج ٣، ص ٤٨٣): «زمام كل زمام، وإليه أمر الأجناد والتحدث فيهم، وفى خدمته وخدمة صاحب الباب تقف الحجاب على اختلاف طبقاتهم»، ثم أصبح هذا اللقب في العصر المملوكى مما يختص به أمراء الطبلخاناة أو من هم في مرتبتهم، ويذكر القلقشندى أن الأمراء في زمانه تركوا استعمال هذا اللقب لأن العامة اعتادوا أن يقولوا لبعض من يقف بباب السلطان من الأعوان «اسباسلار» فكره الأمراء «مشاركة بعض الأعوان فيه، فأضربوا عنه لذلك، أو لم يفهموا معناه فتركوه». (صبح الأعشى: ج ٦، ص ٧ و٨).
(٢) هو الملك المنصور الثانى سيف الدين محمد صاحب حماة، من نسل الملك المظفر الأول تقى الدين عمر بن شاهنشاه - ابن أخى صلاح الدين -؛ ولى المنصور الثانى حكم حماة سنة ٦٤٢ هـ وظل على عرشها إلى أن توفى سنة ٦٨٣، وكان عالما محبا للعلماء، فعاش ابن واصل سنين طويلة في كنفه، وله ألف كتابين من أهم كتبه: مفرج الكروب هذا - كما يتضح من النص -، وشرح كتاب الأغانى.
1 / 2