فذكَّر (الراوي) لأن معناه: الذي يروى على القصائد أو الذي روى، فصار بمنزلة قولك: القائمُ والقاعدُ والضاربُ.
فهذه جملٌ من المذكر والمؤنث ابتدأنا بها مختصرين لها؛ لينتفع المتعلم بمعرفتها وحفظها، ونحن نُوضحها، ونستقصي عللها في بابها إيضاحًا شافيًا واستقصاءً كافيًا إن شاء الله.
وإذا سميت امرأة بنعتٍ مذكر لم تُجره؛ كقولك: قامت خائنُ وظالمُ، وأكرمتُ خائنَ وظالمَ، ومررت بخائنَ وظالمَ، وكذلك تقول: قامت سنيحُ، وقعدت مُدِلُّ، وأكرمتُ سَنِيحَ، ورأيت مُدِلَّ، ومررت بسنيح ونظرت إلى مُدِلَّ، فلا تُجرى النعوت المذكرة إذا علقتها على الإناث؛ لأنها ثقُلت؛ إذ عُلِّقت على ما لا يُشاكلها، فاجتمع يها هذا الثِّقلُ مع ثقل التعريف، فلم تُجرها لهاتين العلتين. فإن كانت نكرةً أجريتها؛ كقيلك: قامت مُدلُّ ومُدِلٌّ أخرى، وأكرمت مُدِلَّ ومُدلًا أخرى، ومررت بمدلَّ ومُدلٍّ أخرى. لم تُجرِ الأولى لأنها معرفة، وأُجريت الثانية لأنها نكرة.
وإذا سميت المرأة بنعتٍ يكونُ للمذكرِ والمؤنث بلفظٍ واحدٍ لم تُجره؛ كقولك: قامت ظلومُ وقتولُ وغضُوبُ، وأكرمتُ ظلُومَ وقتُولَ وغضُوبَ، ومررت بظلومَ وقتُولَ وغضُوبَ. وإنما لم تُجره؛ لأنه لا يخلو من أن يكون نعتًا لمذكر أو مؤنث. فإن كنت سميتها بنعتِ المؤنثِ لم تُجره؛ لأن الثِّقلَ لزمه من وجهين:
أحدهما: التعريفُ، والآخر: التأنيثُ.
1 / 123