Dhibaatooyinka Casriga ah ee Magaalooyinka
معضلات المدنية الحديثة
Noocyada
ولقد جرت الفكرة في المادة والعلة إلى التناحر بين مبدأين ظلا يتجاذبان العقل الإنساني ليتغلب أحدهما على الآخر في العصور الحديثة ، أخذ المبدأ الأول شكله وكيانه في الجهة الموضوعية
Objective
التي يمثلها الكون لعقل الباحث، وأخذ الثاني كيانه في الجهة الذاتية
Subjective
التي يمثلها العقل لذاته من قوة تفكيره وتصوراته ومقدار فهمه وإرادته وعمله.
أما المبدأ الأول فقد استقصيناه من فكرة ديكارت في المادة والأجسام المادية، حيث قضى بأنها لا توجد إلا في مكان أو امتداد، كما حكم بأن العلة تنحصر في الأثر الميكانيكي الصادر عن كمية محدودة من الحركة منبعثة عن المادة نفسها، فهي عنده عبارة عن مدرك آلي - ميكانيكي - يتضمن الكون كله بما فيه مما تناوله النظام وما سادت فيه الفوضى، ولا يخرج عن تلك الآلية من شيء إلا الفكرات أو القوة المفكرة التي لا يمثلها إلا النوع الإنساني وحده، وتشكل هذا المبدأ من بعد ذلك في قالب صبته فيه فكرة نيوتن، حيث قال بالزمان المطلق والمكان المطلق، فالزمان المطلق في ذاته وبحكم طبيعته الخاصة به يفيض بنسب متعادلة، إذا لم يكن لشيء من الأشياء الخارجة عنه أية صلة به، وكذلك المكان المطلق يظل في طبيعته وماهيته واحدا لا يتغير ولا يتحرك ما لم يكن له اتصال بشيء خارج عنه.
وأما المبدأ الثاني فتمثله فكرة ليبنتز في الرأي الذري
Monadology ، إذ يقضي بأن المادة ليست منفعلة بل فاعلة، وأن الحركة ليست علة الكون، بل إن القوة هي العلة فيه، وأن ما لا ينتج شيئا لا يمكن أن يكون بشيء، وأن الزمان والمكان اعتباريان، وأن الأشياء المادية مراكز تنبعث عنها قوة فاعلة مؤثرة.
من طريق هذه الفكرات التي ذاعت في المادة والعلة تأتي علاقة النسبية، وهذه الفكرات ليست إلا من أوضاع الغيبيات في أخص معانيها، والحقائق الآتية من طريق الاختبار وإن كانت السبب الذي ساق في الواقع إلى تكوين الفكرة النسبية تكوينا علميا؛ إلا أن هذه الحقائق بذاتها لم يكن لها من أثر عملي في إبراز هذه الفكرة إلا قليلا. أما النتائج النظرية المنتزعة من هذه الحقائق فهي التي كفلت تغيير أوجه النظر العلمي وطريقة التفكير العلمية، وإذا نظرت بتأمل ألفيت أنها حقائق ثبت أنها حاسمة من ناحية النظر في مشكلات ما بعد الطبيعة، فالعمليات التي تناولتها هذه الحقائق بتغيير لم تتجاوز أشياء تناهت في الضئولة وحقارة الشأن، كاختلاف التقدير في 42 ثانية في القرن من الزمان، أو خطأ في 2 وثلاثة أرباع بوصة من محيط كرة الأرض، إذن فليست الحقائق بذاتها هي التي يعظم عندنا خطرها، بل إن خطرها ينحصر في ما يترتب عليها من النتائج. ولقد أظهر العلامة ويلدون كار الذي نلخص عنه هذا المقال في كتابه «نظرية النسبية من وجهتيها الفلسفية والتاريخية» أن هذه النظرية قد أثبتت بما لا سبيل إلى إدحاضه طبيعة هذا الكون الذرية - نظرية الجوهر الفرد القديمة التي وضعها ديمقريطس - وقضت علينا بأن لا نجعل علومنا مرتكزة في أساسها المدعم المتين على حقيقة نتخيلها منفصلة عن الذرات المادية، بل على العكس من ذلك جعلتنا نستمد حقائقنا من قوة كامنة داخل الذرات نستطيع أن نعلل بها الظاهرات الطبيعية ونوفق من طريقها بين الآراء المختلفة التي ظلت حتى اليوم تتنازع البقاء في العقل الإنساني.
إن أخطر المسائل التي ترتكز عليها النسبية في علاقتها بما بعد الطبيعة، تنحصر في موقفها السلبي تلقاء ما كنا نعتقد في الزمان والمكان باعتبارهما شيئين مطلقين يتبع أحدهما الآخر بنسب مستمرة دائمة. ونظرية النسبية تتقبل النتائج الحاسمة التي تؤدي إليها الاختبارات التي تضاد الحقائق الطبيعية التي تثبت عدم وجود شيء من النسبة المستمرة بين الزمان والمكان، وترفض بحكم مبادئها أن تعترف بضرورة الاعتقاد بديا بشيء وهمي خيالي يقال له «الزمان المكاني» المطلق، باعتباره شيئا لا يعتريه الاختلاف بنسبة الناظرين إليه. وهي فوق ذلك تزودنا بمعادلات اصطلاحية تبين لنا أن حقيقة حادثة من الحوادث التي تقع في الكون تبقى ثابتة في نظر رائيين ولو نظر كل منهما إليها من جهة بعينها في النظام الكوني، من غير احتياج للقول بنظام ثابت مطلق نفرضه خارجا عن نظام الجهة الكونية التي يكون فيها كل منهما.
Bog aan la aqoon