============================================================
قال: (وهذا إذا سمعته من محدث أو حشوي ربما خطر ببالك أن الناس أعداء ما جهلوا، فاسمع هذا ممن خبر الكلام ثم قلاه بعد حقيقة الخبرة، وبعد التغلغل فيه إلى منتهى درجة المتكلمين، وجاوز ذلك إلى التعثق في علوم أخرى سوى نوع الكلام، وتحقق أن الطريق إلى حقائق المعرفة من هذا الوجه مسدود، ولعمري لا ينفك الكلام عن كشف ال وتعريف وإيضاح لبعض الأمور، ولكن على الندور). انتهى.
فإنما صدر هذا كله عنهم لأمور: منها: ما فهم مما سبق في آثناء الكلام من آن سبب ذمهم عدولهم عن الأخذ بأصول الإسلام، واشتغالهم بما لا يعنيهم في مقام المرام.
ال ومنها منازعتهم ومجادلتهم ولو كان على الحق، لانجراره غالبا إلى مخاصمتهم المؤدية إلى الأخلاق الفاسدة والأحوال الكاسدة، كما بينه حجة الإسلام الغزالي في الإحياء، فقد ذكر في لاغياث المفتي" عن ابي يوسف: (إنه لا تجوز الصلاة خلف المتكلم وإن تكلم بحق؛ لأنه مبتدع، ولا تجوز خلف المبتدع).
وعرضت هذه الرواية على أستاذي فقال: تأويله أنه لا يكون غرضه إظهار الحق. والذي قاله أستاذي رأيته في تلخيص الزاهدي حيث قال: (وكان أبو حنيفة يكره الجدل على سبيل الحق، حتى روي عن ابي يوسف رحمه الله أنه قال: كنا جلوسا عند أبي حنيفة، إذ دخل عليه جماعة في أيديهم رجلان، فقالوا: إن أحد هذين يقول القرآن مخلوق، وهذا يتازعه ويقول هو غير مخلوق، قال: لا تصلوا خلفهما، فقلت: أما الأول فنعم؛ فإنه لا يقول بقدم القرآن، وأما الآخر فما باله لا يصلى خلفه؟
Bogga 34