============================================================
قال: (وإلى التحريم ذهب الشافعي ومحمد ومالك وأحمد بن حنبل ال وسفيان وجميع أئمة الحديث من السلف رضي الله عنهم). وساق ألفاظا عن هؤلاء، وأنهم قالوا: (ما سكت عنه الصحابة - مع آنهم أعرف بالحقائق، وأفصح في ترتيب الألفاظ من سائر الخلائق - إلا لما يتولد منه الشر؛ ولذا قال عليه الصلاة والسلام: "هلك المتنطعون"(1)، أي المتعمقون في البحث. واحتجوا أيضا بأن ذلك لو كان من الدين لكان أهم ما يأمر به رسول الله يق ويعلم طريقه ويثني على آربابه). ثم ذكر بقية استدلالهم.
ثم ذكر استدلال الفريق الآخر، إلى أن قال: (فإن قلت: فما المختار عندك؟) فأجاب بالتفصيل، فقال: (فيه منفعة، وفيه مضرة، فهو باعتبار منفعته في وقت الانتفاع حلاك أو مندوب أو واجب كما يقتضيه الحال، وهو باعتبار مضرته في وقت الاستضرار ومحله حرام). قال: (فأما مضرته فاثارة الشبهات وتحريك العقائد وإزالتها عن الجزم ال والتصميم، وذلك مما يحصل بالابتداء، ورجوعه بالدليل المشكوك فيه ال وتختلف فيه الأشخاص، فهذا ضرره في اعتقاد المحق. وله ضرر في تأكيد اعتقاد المبتدعة وتثبيتها في صدورهم بحيث تنبعث دواعيهم ويشتد حرصهم على الإصرار عليه، ولكن هذا الضرر بواسطة التعصب الذي يثور عن الجدل. وآما منفعته فقد يظن أن فائدته كشف الحقائق لديه ومعرفتها على ما هي عليه، وهيهات؛ فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف، ال ولعل التخبيط والتضليل اكثر من الكشف والتعريف).
(1) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما. انظر: فيض القدير 359/6.
Bogga 33