آية نزلت ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ ١ الآية. وقال طلق ابن حبيب - ومع هذا كان سعيد بن جبير ينسبه إلى الإرجاء -: "التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله".
وبالجملة فكون المتقين هم الفاعلون للفرائض المجتنبون للمحارم هو من العلم العام الذي يعرفه المسلمون خلفا عن سلف. ثم ذكر أن أهل السنة وسط، وذكر بعض دلائلهم، منها قوله: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ ٢ الآية. فلو كانت الحسنة لا تقبل من صاحب السيئة لم تمحها، وثبت بالكتاب والسنة المتواترة، فلو كانت الكبيرة تحبط الحسنات لم يبق حسنة توزن معها. وثبت أن بغيا سقت كلبا فغفر لها. قالوا: وابنا آدم لم يكن أحدهما مشركا، لكن لم يقصد التقرب إلى الله بالطيب من ماله، كما في الأثر، فلهذا لم يتقبل منه قربانه. وقال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا﴾ ٣ الآية، فجعل هذا من موانع قبول النفقة دون مطلق الذنوب، ويقولون: من نفي عنه الإيمان فلتركه بعض واجباته، ولا يلزم أن لا يبقى منه شيء، بل دلت النصوص على بقاء بعضه، ويخرج من النار من بقي معه بعضه، ومعلوم أن العبادات فيها واجب، فالحج فيه واجب، إذا تركه نقص حجه، ولا يفسده إلا الجماع.
فكذلك لا يزيل الإيمان كله إلا الكفر المحض، وما دونه قد يحبط بعض العمل كالمن والأذى، فإنه يبطل الصدقة، لا سائر