الذين اتقوا الشرك، فهذا خلاف القرآن، لأن الله يقول: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ﴾ ١، ﴿إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ ٢، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ ٣، ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ ٤، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ ٥، قال ابن مسعود وغيره: " ﴿حق تقاته﴾ أن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى" وقال: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ ٦ وهي مفسرة لتلك؛ ومن قال من السلف، ناسخة، فمعناه رافعة لما يظن أن المراد يعجز عنه. فإن الله لم يأمر بهذا قط، ومن قال: إن الله أمر به، فقد غلط. والنسخ في عرف السلف يدخل فيه كل ما فيه نوع رفع لحكم، أو ظاهر، أو ظن دلالة، حتى إنهم يسمون تخصيص العالم نسخا، ومنهم من يسمي الاستثناء نسخا إذا تأخر نزوله.
وقد قال تعالى: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ ٧، فهذا رفع لما ألقاه الشيطان، ولم ينزله الله، لكن غايته أن يظن أن الله أنزله، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ﴾ ٨ الآيتين فمن كان الشيطان لا يزال يمده في الغي وهو لا يتفكر ولا يبصر، كيف يكون من المتقين؟ ومن آخر ما نزل، وقيل: إنها آخر