قال أحمد بن يحيى عليهما السلام: يجوز ذلك على نحو قولك للرجل الذي تخاطبه وهو لا خير عنده البتة ما أقل خيرك جائز في اللغة، وكقولك ما أقل راحة أهل النار يريد لا راحة لهم البتة، وكقولك ما أقل النسا في بلد كذا وكذا وهي بلد ليس بها إنسان واحد.
وقال عمرو بن معدي كرب في نحو ذلك:
وكم من غائط من دون سلمى ... قليل الإنس ليس به كتيع
فقال : قليل الإنس فنسبه إلى القلة ثم قال: ليس به كتيع، يعني ليس به إنسان واحد.
ومن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث بن مسعود ليلة وفد الجن لو أطاعوا عليا لدخلوا الجنة أجمعين أكتعين. وقالوا: يعني باكتعين أنه لا يتغادر منهم صغير ولا كبير ذكر ولا أنثى.
57- وسألت عن قول الله عز وجل: { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون
في الأرض بغير الحق } . والآيات فدلالة وهدى ونور، فكيف جاز أن يصرف الله تبارك وتعالى عن آياته الخلق وهو الذي دعاهم إليها وإلى قبولها؟
قال أحمد بن يحيى عليهما السلام: ليس المعنى حيث ذهبت، ولا كما توهمت من أنه عز وجل يصرف عن آياته عباده من طريق الصد والصرف عن اتباعها، وإنما المعنى أنه جل ثناؤه يصرف أعداءه والمفسدين في أرضه عن إبطال آياته وإفسادها، وإدخال العيب فيها بما أظهر من دلائلها وعجائبها وحججها ونورها وبراهينها العظيمة، كنحو قولك للرجل سأمنعك من فلان أي أمنعك من أذاه وإدخال المكروه عليه، وذلك جائز في اللغة.
58- وسألت عن قول الله عز وجل: { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة
زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون } . وقلت: كيف مخرج التزيين هاهنا؟
قال أحمد بن يحيى عليهما السلام: هذه المسألة تخرج على وجهين، وكلاهما حسن.
Bogga 33