لما قسم غنائم هوازن: يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة (1) نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف (2) نفس لم يبارك له فيه ". في كلام أكثر من هذا ، فقوله عليه الصلاة والسلام: " إن هذا المال خضرة حلوة " مجاز لأنه شبه حلاوة المال في القلوب بحلاوة الثمرة الطيبة في الأفواه، فكما أن هذه الثمرة الحلوة تشرف النفس إليها ويكثر التتبع لها، فكذلك الأموال الدثرة (3) تلهج النفس لها ويكثر النزوع إليها. وفي قوله عليه الصلاة والسلام: " خضرة حلوة " سر لطيف. وهو أنه شبه المال بالثمرة التي حسن منظرها وطاب مخبرها، وليس كل ثمرة مأكولة كذلك صفتها لان في النابتات والثمرات ما يحسن ظاهره ويقبح باطنه، ومنها ما تقبح ظواهره وتحسن مخابره. فجعل عليه الصلاة والسلام المال من قسم النابتات التي تروق في العيون وتحلو في الأفواه والقلوب، والمال على الحقيقة بهذه الصفة لان العيون تعلقه (4)، والقلوب تمقه (5). ومما يشبه ذلك قوله عليه الصلاة والسلام " من خضر له في شئ لزمه (6) " والمراد من اعتاد الانتفاع بشئ علق به وتوكل
Bogga 74