وقول النبي ﷺ: "أشد أمتي في الله عمر" ١.
وروى ابن الجوزي عن ابن عباس ﵄ قال: "حدّثني عمر بن الخطاب ﵁ قال: "أسر يوم بدر من المشركين سبعون رجلًا، واستشار النبي ﷺ أبا بكر وعليًّا فقال أبو بكر: "يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن نأخذ منهم الفدية؛ فيكون ما أخذنا منهم قوّة على الكفار، وعسى أن يهديهم الله تعالى فيكونوا لنا عضُدًا". فقال النبي ﷺ: "ما ترى ابن الخطاب؟ "، فقلت: "والله ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكني من فلان - قريب عمر - فأضرب عنقه، وتمكن عليًّا من عقيل٢ فيضربَ عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هَوَادةٌ للمشركين، هؤلاء صَنَاديدهم٣، وأئمتهم وقادتهم.
فهَوِي رسول الله ﷺ ما قال أبو بكر ولم يهوَ ما قلت، فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد غدوت إلى النبي ﷺ وإذا هو قاعد وأبو بكر يبكيان، فقلت: يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاءً بكيتُ، وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما، فقال النبي ﷺ: "أبكي للذي عرَض لأصحابك٤ من الفداء، لقد عُرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة - وأنزل الله عزوجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾، إلى قوله: ﴿لَّوْلاَ كِتَابٌ مِنَ الله سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ﴾، من
١ سبق تخريجه ص ٢٢٧، ٢٣٣.
٢ ابن أبي طالب.
٣ الصنديد: السيّد الشّجاع. (القاموس ص ٣٧٥، ٣٧٦) .
٤ في المسند: (عَرَض علي) .