المجلد الأول مقدمة ... مقدمة إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلّم عليه وعلى صحبه الهداة المهتدين وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين. أما بعد: فإنّ الله جل ثناؤه وتباركت أسماؤه، قد أرسل محمّدًا ﷺ رحمة للعالمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الكفر والشرك إلى الإيمان والتوحيد فاستجاب له وآمن بدعوته ناس من قومه أشرق نور الإيمان في قلوبهم، فانجلت عنها ظلمة الشرك، فأبصروا الحق الذي دعاهم إليه. فما زال النبي ﷺ يغذيهم بالقرآن والحكمة، ويزكيهم بالعمل الصالح حتى صار هذا الدين أعظم ما يكون في قلوبهم، وصار الرسول ﷺ أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم وعشيرتهم وأموالهم بل وأنفسهم، فناصروه في دعوته وتحملوا معه سبيل الله أقصى ما يمكن أن يتحمله بشر - غير الأنبياء - من أجل العقيدة، ذلك الجيل الربَّاني الذي آمن بالنبي ﷺ وآزره ونصره هم صحابته الكرام الذين اختصّهم الله وشرّفهم بصحبة نبيه وإقامة شرعه. كان مجتمعهم طرازًا فريدًا، ونسيجًا وحيدًا، لم يكن في أتباع الأنبياء مثلهم، لهم القدح المعلى من كل فضيلة، والسهم الأعلى من

1 / 7

كل مكرمة، فهم أهل لكل محبة وتعظيم وإكرام وتقدير، من كل من جاء بعدهم من هذه الأمة، وأهل لأن يقتدى بهم، ويتمسك بطريقتهم وهديهم، فإنّ الدين ما كانوا عليه، ولا شكّ أنّهم أفضل الخلق بعد النبي ﷺ، وأن معرفة أحوال هؤلاء الصحابة وما اتصفوا به من أخلاقٍ ساميةٍ وصفاتٍ نبيلةٍ، ينير الطريق أمام المؤمن الذي يريد الاقتداء بسنة النبي ﷺ وسيرة أصحابه. وأمر آخر يستوجب العناية بسيرهم، وهو أنهم هم الذين نقلوا إلينا الإسلام نقلًا صحيحًا، لذلك وجبت العناية بأخبارهم وأحوالهم وسيرهم، حتى لا يجد أعداء الإسلام سبيلًا إلى الطعن فيه بواسطة الطعن في نقلته. وقد أثنى الله على أصحاب نبيه ﷺ في آيات كثيرة من كتابه، منها: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [سورة الأنفال، الآية: ٧٤] . وقوله: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [سورة الفتح، الآية: ٢٩] . وشهد لهم النبي ﷺ بأنّهم خير القرون حيث قال: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا حتى كنت من القرن الذي كنت فيه" ١. _________ ١ البخاري: الصحّيح، كتاب المناقب ٣/١٣٠٥.

1 / 8

وقد نشأت فرقة في الإسلام لا تقر بهذه الفضائل لهؤلاء الصحابة فكفّروا الصحابةَ إلاّ نفرًا يسيرًا منهم، وتقربوا إلى الله بسبّهم وشتمهم، وجعلوا ذلك من أقرب القربات، وأحسن الطاعات. ولم تزل هذه الفرقة سادرة في غيها، وماضية في ضلالها، تنمو بالخفاء حتى قامت لهم دولة تحمي مذهبهم، وتدعو إليه، ونشطت جهودهم في ذلك، فصاروا ينشرون الكتب والرسائل التي تتضمن من المخازي سبّ أصحاب النبي ﷺ وتكفيرهم لجمهورهم، واتخذوا الطعن فيهم وسيلة للطعن في كثير من أحكام الإسلام، وصاروا يُلَبِّسُون بذلك على كثير من المسلمين. وقد تصدى العلماء قديمًا وحديثًا للردّ على تلك الافتراءات بنشر فضائل الصحابة وسيرهم وأخبارهم، وممن اعتنى بذلك العلامة ابن عبد الهادي حيث أفرد لكل واحد من العشرة كتابًا مستقلًا، ومنها كتابه: (محض الصّواب في فضائل عمر بن الخطّاب) . وقد رأيت الحاجة ماسّة إلى المشاركة في نشر فضائل الصحابة، وبيان مكانتهم الرفيعة من هذا الدين، دفاعًا عنهم، وحماية لحرمتهم من جهة، وصيانة للدين من التحريف والتغيير من جهة أخرى، وحماية لعقائد المسلمين وحفظًا لقلوبهم من أن يقع فيها غل لأصحاب النبي ﷺ، وصيانة لألسنتهم من أن يجري عليها ما فيه انتقاص من سبّ وشتم أو ذكر لهم بغير ما هم أهل له.

1 / 9

أسباب اختيار العمل في هذا الكتاب: ١- الرغبة في المشاركة في المسيرة المباركة لإحياء التراث الإسلامي العظيم، وإظهار ما هو حبيس المكتبات حتى يسهل للجميع الاطلاع عليه. ٢- مكانة مؤلف الكتاب بين العلماء، وتحصيله في العديد من الفنون، فدراسة كتابه فيها فوائد جمة وفرائد غير خفية على أهل العلم وطلبته. ٣- قيمة الكتاب العلمية؛ إذ الكتاب غزير في مادته، فهو يحتوي على كثير من الأحاديث النّبوية والآثار المروية عن عمر ﵁. ٤- المساهمة في إظهار كتب فضائل الصحابة لاسيما الخلفاء الراشدين، وعرضها على الناس في هذا الزمان الذي كثر فيه الطعن في الصحابة من الرافضة وغيرهم. ٥- اهتمام المؤلف بانتقاء الأخبار، وعدم الاكتفاء بسرد الروايات حيث يعقب، ويذكر الفوائد، ويورد الصحيح. ٦- نقل المؤلف عن أصول ضاعت ولم تصل إلينا. ٧- لهذه الأسباب كلّها وقع اختياري على هذا الكتاب لهذا العالم الجهبذ، علمًا بأني قد بذلت جهدي في خدمة الكتاب تحقيقًا ودراسةً، وإنني لأرجو أن أكون قد وفيت - أو قاربت - بالصورة التي تخدم الكتاب. ويقتضي هذا البحث بطبيعته أن يتكون من مقدّمة، وقسمين: القسم الأوّل: الدراسة: وتشتمل على: ١- عصر المؤلّف من الناحية السياسية والدينية والعلمية (نظرة إجمالية) .

1 / 10

٢- حياة المؤلّف، وضمنته: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه، ونسبته، ومولده، وعائلته، ومهنته، ووفاته. ٣- السيرة العلمية للمؤلّف وتشتمل على: طلبه للعلم، ورحلاته، ومكانته العلمية، وثناء العلماء عليه، وعقيدته في الأصول، ومذهبه في الفروع، وشيوخه، وتلاميذه، ومؤلّفاته. ٤- التعريف بالكتاب وضمنته: أوّلًا: تحقيق اسم الكتاب، وتوثيق نسبته للمؤلّف. ثانيًا: موضوع الكتاب ومباحثه. ثالثًا: منهج المؤلّف في الكتاب. رابعًا: موارد المؤلّف في الكتاب. خامسًا: المآخذ على الكتاب. سادسًا: قيمة الكتاب العلمية. سابعًا: وصف النسخة الخطية، مع نماذج مصورة منها. القسم الثاني: التحقيق. وعملي فيه على النحو الآتي: أ- تحقيق النص وضبطه. ب- أثبت ما في حاشية الأصل في الأصل؛ لأن المؤلّف ﵀ قام بمراجعة النسخة التي كتب بخط يده وأضاف عليها. ج- وضعت ما وقع من زيادة على نص الأصل، بين معقوفتين كبيرتين [] .

1 / 11

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.