يطالب فيه المعتبر بشاهد موافق إلا ما يطالبه المربي ، وهو أمر خاص ، وعلم منفرد بنفسه ، لا يختص بهذا الموضع ، فلذلك يوقف على محله. فكون القلب جارا ذا قربى ، والجار الجنب هو النفس الطبيعي ، إلى سائر ما ذكر ، يصح تنزيله اعتباريا مطلقا. فإن مقابلة الوجود بعضه ببعض في هذا النمط ، صحيح وسهل جدا عند أربابه غير أنه مغرر بمن ليس براسخ أو داخل تحت إيالة راسخ ، وأيضا ، فإن من ذكر عنه مثل ذلك من المعتبرين لم يصرح بأنه المعنى المقصود المخاطب به الخلق ، بل أجراه مجراه ، وسكت عن كونه هو المراد. وإن جاء شيء من ذلك وصرح صاحبه أنه هو المراد فهو من أرباب الأحوال الذين لا يفرقون بين الاعتبار القرآني والوجودي. وأكثر ما يطرأ هذا لمن هو ، بعد ، في السلوك سائر على الطريق ، لم يتحقق بمطلوبه. ولا اعتبار بقول من لم يثبت اعتبار قوله من الباطنية وغيرهم. وللغزالي في مشكاة الأنوار ، وفي كتاب الشكر من الإحياء ، وفي كتاب جواهر القرآن في الاعتبار القرآني وغيره ، ما يتبين به لهذا الموضع أمثلة. فتأملها هناك والله الموفق.
** ثم قال الشاطبي :
* فصل
وللسنة في هذا النمط مدخل. فإن كل واحد منهما قابل لذلك الاعتبار المتقدم الصحيح الشواهد ، وقابل أيضا للاعتبار الوجودي ، فقد فرضوا نحوه في قوله عليه السلام «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة» (1) إلى غير ذلك من الأحاديث. ولا فائدة في التكرار إذا وضح طريق الوصول إلى الحق والصواب.
** 9 قاعدة في أن الشريعة أمية ، وأنه لا بد في فهمها من اتباع معهود الأميين ، وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم
قال الشاطبي في الموافقات : هذه الشريعة المباركة أمية ، لأن أهلها كذلك ، فهو أجرى على اعتبار المصالح. ويدل على ذلك أمور.
أحدها : النصوص المتواترة اللفظ والمعنى كقوله تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم ) [الجمعة : 2]. وقوله : ( فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي
Bogga 56