Book of Visits by Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah
كتاب الزيارة من أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية
Baare
سيف الدين الكاتب
Daabacaha
دار مكتبة الحياة الطباعة والنشر
أو أن يدعو الميت ويستغيث (١٥) به ويطلب منه، أو يقسم به (١٦) على الله في طلب حاجاته، وتفريج كرباته (١٧). فهذه كلها من البدع (١٨) التي لم يشرعها (١٩) النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فعلها أصحابه وقد نص الأئمة على النهي عن ذلك كما قد بسط في غير هذا الموضع.
ولهذا لم يكن أحد من الصحابة يقصد زيارة ((قبر الخليل)) بل كانوا يأتون إلى بيت المقدس فقط طاعة للحديث (٢٠) الذي ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه قال: ((لا تشد الرحال (٢١) إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا)).
ولهذا اتفق أئمة الدين على أن العبد لو نذر السفر إلى زيارة ((قبر الخليل)) أو ((الطور)) الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام أو ((جبل حراء)) ونحو ذلك لم يجب عليه الوفاء بنذره، وهل عليه كفارة يمين؟ على قولين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا
(١٥) الاستغاثة: الاستعانة.
(١٦) يقسم به: أي بالقبر أو بساكنه.
(١٧) الكربات: جمع مفرده: كُربة بالضم: هي الغَمَّ الذي يأخذ بالنَّفْس وكذا (الكَرْب). والتفريج: الكشف والإزالة.
(١٨) البدع: جمع مفرده: بدعة بكسر الباء. وهي كل شيء مبتدع والبدعة في الدين: كل ما أُحدِث في الدين بعد أن أكمله الله.
يقسم بعضهم البدعة إلى (بدعة حسنة وبدعة سيئة) فأما إذا كان المراد بذلك تسميتها باعتبار وضع اللغة كما قال عمر (رضي الله عنه) في التراويح: نعمت البدعة هذه، فلا غبار عليها. وأما إذا أريد المصطلح الديني بمعنى الاستطراد على حديث (كل بدعة ضلالة) وتقسيمها، فلا يجوز لأن الحديث نص على أن كل بدعة في الدين ضلالة. فلا تستحسن بدعة بالمدلول الشرعي.
(١٩) لم يشرعها: لم ينص عليها في الشرع الحنيف الذي جاء به محمد (ص).
(٢٠) المراد: طاعة لقول رسول الله الذي ورد في الحديث.
(٢١) الرحال: جمع مفرده رحل: هو ما يشدّه المسافر على ظهر بعيره من أثاث.
15