Khulasat Athar
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Daabacaha
دار صادر
Goobta Daabacaadda
بيروت
سَنَام اعوجاج من الظُّلم لَا يُمكن لَهُ تَقْوِيم وَلَا تَعْدِيل عَاد وَلم يحمد عود ولَايَته إِلَى ديار بكر فصوّب نَحْو أَهلهَا أسنة الْقَهْر وَالْمَكْر وَأخذ يشتت شَمل أَحْوَالهم بِأخذ مَا لَهُم من مَالهم لم يُغَادر لَهُم نَقْدا وَلَا بضَاعَة وَقد صَافح مَالهم بيد الإضاعة فَصَرفهُ فِي وُجُوه الْفساد وأضاعه فتح بَاب المصادرة كي يصل إِلَى مَطْلُوبه وَأصْبح جَامعا للشرور ومنار الْجور يَعْلُو بِهِ وَالْحَال أَن مَا أبقاه لَهُم جوره المقدّم كفضلة صَبر فِي فؤاد متيم وَلم يقنع مِنْهُم بِأخذ الْأَمْوَال والأملاك بل أوقعهم بعد إذاقة الضَّرْب فِي شباك الْهَلَاك فَلَمَّا غصت شوارع دَار السلطنة بشكاته وَكثر الباكون من موافاة آفاته حَبسه سُلَيْمَان الزَّمَان إِذْ ذَاك كَمَا تحبس المردة وَأحرقهُ بِنَار كمد موقده فاستمرّ فِي الْحَبْس إِلَى أَن تشرف سَرِير السلطنة بسُلْطَان الْعَالم الْمُفْرد الْجَامِع لكَمَال بني آدم فَلَمَّا رأى أَنه حبس مرَارًا واستوطن الْحَبْس دَارا وَكَانَ يَقُول إِذا تكرّر الدَّوَاء لَا ينفع وَإِذا طَال مكث السَّيْف فِي غمده لَا يقطع أَزَال أبقاه الله بِإِزَالَة هَذَا الْكَلْب غمَّة عَن الْمُسلمين وَأظْهر بقتْله همة تظل تملي صحف محامدها إِلَى يَوْم الدّين ألفاه نجس الْعين فقذفه فِي اليم ولعمري أَنه لَا يطهر وَلَو بالبحر الخضم فاستقرّ جِسْمه فِي المَاء وروحه فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار وَقد أصبح قَرَار الْبَحْر لجثمانه مَحل الْقَرار وأرسله إِلَى نَار هِيَ أعظم من نَار إِبْرَاهِيم وصير المَاء خير رَفِيق وحميم وَكَانَ عدوًّا لعلماء الْملَّة الغراء والشريعة الشَّرِيفَة الزهراء حَتَّى أَنه لما كَانَ بديار بكر هجم أَتْبَاعه بأَمْره على قاضيها وَالْمولى لاحكام أَحْكَام الشَّرِيعَة فِيهَا فسحبوه عَارِيا من ثِيَابه كالسيف المجرّد من قرَابه إهانة للشَّرْع وَصَاحبه واستخفافًا بالطراز الْمَذْهَب من مذاهبه وَلم أقصد بِذكر هَذِه المعايب وتسطير هَذِه القبائح والمثالب بغض مُسلم فَاتَ واقتنصته يَد الْآفَات وحاشا أَن أكون مِمَّن يصدر ذَلِك من فِيهِ وَلَكِن عملا بقَوْلهمْ أذكر الْفَاسِق بِمَا فِيهِ
(وَمَا ذمّ أهل الظُّلم شَيْء قصدته ... وَلكنه من يزحم اليم يغرق)
قلت وَكَانَت قتلته فِي سنة ثَلَاث بعد الْألف وَالله ﷾ أعلم
إِبْرَاهِيم باشا الْوَزير الْأَعْظَم أحد وزراء السُّلْطَان مُرَاد بن سليم من أَصْحَاب الشَّأْن العالي والرأي السديد وَكَانَ ذَا حلم وَاسع وأناة ونهض بِهِ الْحَظ كَمَا قَالَ فِيهِ منشيء الرّوم المارّ ذكره وَقد ذكره ساعدته الْأَيَّام والليالي فغدا مقدما فِي الْعِزّ وَغَيره التَّالِي رمقته عين الْعِزَّة فَأصْبح عَزِيزًا بِالْقَاهِرَةِ المعزية فطفحت كأس
1 / 59