58

Khulasat Athar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Daabacaha

دار صادر

Goobta Daabacaadda

بيروت

أَن يشْهد عَلَيْهِ وَلَا قدر القَاضِي أَن يدقق عَلَيْهِ فِي سَماع الدَّعْوَى لأنّ أُخْته كَانَت عِنْد السُّلْطَان مُرَاد مَقْبُولَة جدًّا وَانْصَرف خصماؤه وَقَررهُ السُّلْطَان فِي ديار بكر فَذهب إِلَيْهَا نَاوِيا على إهلاك كل من اشْتَكَى عَلَيْهِ وَمِنْهُم ملك أَحْمد باشا وعماد الدّين بيك فَإِنَّهُ أهلكهما تَحت الْعَذَاب وَوصل إِلَى أَن ثار عَلَيْهِ أهل الْبَلَد وَقَامُوا عَلَيْهِ قومة رجل وَاحِد فتحصن فِي القلعة وَصَارَ يضْرب على أهل الْمَدِينَة المدافع الْكِبَار حَتَّى قتل مِنْهُم خلقا كثيرا وَكَانَ إِذْ ذَاك السُّلْطَان مُحَمَّد بن السُّلْطَان مُرَاد ولي عهد أَبِيه مُقيما فِي بَلْدَة مغنيسا فَأرْسل إِلَى إِبْرَاهِيم باشا يستشفع عِنْده فِي الرعايا عُمُوما وَفِي ملك أَحْمد باشا الْمَذْكُور خُصُوصا فَقَالَ أما الْآن مَاله حكم مَعَ وجود وَالِده وَإِذا صَار سُلْطَانا يفعل بِي مَا أَرَادَ فَنَذر السُّلْطَان مُحَمَّد قَتله يَوْم يصير سُلْطَانا فَلَمَّا منّ الله تَعَالَى عَلَيْهِ بالسلطنة وَحضر إِلَى مقرّ تخته سَأَلَ عَن إِبْرَاهِيم باشا الْمَذْكُور فَقيل لَهُ إِنَّه مَحْبُوس بِحَبْس والدك فَأمر بقتْله فَقتل صبرا من غير تَأْخِير قَالَ البوريني وَأَخْبرنِي بعض من شَاهد قَتله أَنه كَانَ جَالِسا فِي الْحَبْس بعد صَلَاة الْعشَاء فَدخل عَلَيْهِ كَبِير من خَواص خدم الدِّيوَان وَمَعَهُ جمَاعَة من الجلادين مغيرين صورهم حَتَّى لَا يرتاب مِنْهُم وَجلسَ ذَلِك الْكَبِير يصاحبه فِي أُمُور مموّهة وأقدم عَلَيْهِ الجلادون من خَلفه وَوَضَعُوا فِي عُنُقه حبلًا وَقَالُوا أَمر بذلك السُّلْطَان قَالَ فرأيته رفع مسبحته مُشِيرا بِالشَّهَادَةِ فَلَمَّا مَاتَ ألقوه فِي الْبَحْر ثمَّ شفعت فِيهِ أُخْته فدفنوه وَصَارَ عِبْرَة للمعتبرين انْتهى مَا قَالَه البوريني فِي تَرْجَمته وَرَأَيْت فِي التراجم الَّتِي أَنْشَأَهَا منشيء الرّوم عبد الْكَرِيم بن سِنَان قَاضِي الْقُضَاة بِمصْر ذكر إِبْرَاهِيم باشا الْمَذْكُور فَأَحْبَبْت ذكر مَا قَالَه لتوشية الْكتاب بذلك النسيج قَالَ لما تلألأت أنوار السلطنة المحمدية من هَالة سريرها وأصبحت الدُّنْيَا بِتِلْكَ الْأَنْوَار مشرقة بحذافيرها بَدَأَ أحسن الله مبدأه وختامه وأغمد فِي رِقَاب الحاسدين حسامه بقتل إِبْرَاهِيم باشا مَنْ عَمّ المعالم ظلمه وَفَشَا عرف بأخوّة مُدبرَة الْحرم السلطاني لَا زَالَ مخدومًا بالأمان والأماني وَهُوَ الَّذِي سعى فِي أَرض الله بِالْفَسَادِ وَخرب الْبِلَاد وأباد الْعباد مَا من بلد تولاه إِلَّا وأمست بيوته خاوية واشتعلت فِيهِ من الْمَظَالِم نَار حامية لم يتول مصرا من الْأَمْصَار إِلَّا وَأصْبح فِيهَا إعصار فِيهِ نَار تسابقت فِي حلبة الْجور أَفْرَاس مظالمه وجرّد سيف الحتف على محاربه ومسالمه أورى زناد الْفساد وشب نَار الْمَظَالِم وَلَقَد كَانَ أعدى مُعْتَد وأظلم ظَالِم وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ انْفَرد بقبائح لَا يُوجد لَهُ فِيهَا عديل وَأظْهر

1 / 58