60

Khulasat Athar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Daabacaha

دار صادر

Goobta Daabacaadda

بيروت

أمانيه وَهِي من الأقذاء صَفِيَّة تزينت حلل تِلْكَ الْبِلَاد بوشي أَحْكَامه وتفيأت أَهلهَا فِي ظلال بنوده وأعلامه ثمَّ خلعت السلطنة المرادية عَلَيْهِ خلعة الصهاره وفاز مرّة بعد أُخْرَى بِخَتْم الوزارة آلت إِلَيْهِ رِسَالَة الْكَتَائِب الإسلامية وقطف ثمار رُؤْس الْأَعْدَاء من رياض الفتوحات الجنية فغدا جيده حاليًا بهَا عدَّة سِنِين وَفتح ثغرًا فابتسم بِهِ الدّين الْمُبين وَكَانَ يعْقد عرائس المناصب من غير كفاءة لكل خَاطب ويفرّقها بعد اسْتِيفَاء مدّتها ويزفها لآخرين دون انْقِضَاء عدتهَا وَكَانَ أَكثر مواعيده منجزة بسيول هباته لَكِنَّهَا وساوس تنشأ من خطراته حَتَّى غَدَتْ عِنْده أكياس الدَّرَاهِم أخلى من قدر الْبَخِيل ومعدة الصَّائِم (أفنى ندى كفيه أَمْوَاله ... كَأَنَّمَا الأكياس أكفان) وَقد عَامل النَّاس بلين الْجَانِب من الأخصاء والأجانب وَلَا يدرى مَا فِي قُلُوبهم لَهُ من النِّيَّة كَمَا كمن فِي حدّ الحسام الْمنية واستمرّ حَاله بِتِلْكَ القلادة حاليًا إِلَى أَن صوّبت الْمنية نَحوه أسهمًا وعواليًا فأحدقت بِهِ دَائِرَة السقام حَتَّى ذاق من كاس الْمَرَض جرعة الْحمام (أَلا إِنَّمَا الْأَحْيَاء شرب وَبينهمْ ... كؤس المنايا لَا تزَال تَدور) (فَمنهمْ سريع السكر فِي الْحَال ينتشي ... وَمِنْهُم على الشّرْب الْكثير قدير) وَذكره البوريني فَقَالَ كَانَ أوّلًا من جمَاعَة الْحرم السلطاني فِي عهد السُّلْطَان مُرَاد وَلما ظهر مِنْهُ صَار ضَابِط الْجند الْجَدِيد بقسطنطينية وضبطهم احسن ضبط واستمرّ حَاكما عَلَيْهِم مدّة طَوِيلَة ثمَّ إِن السُّلْطَان مُرَاد أَرَادَ أَن يزوّجه ابْنَته فَأرْسلهُ إِلَى بِلَاد مصر حَاكما وَكَانَ كَرِيمًا حسن الْخلق إِلَى الْغَايَة وَأَرَادَ أَن يهدم بِنَاء الأهرام الَّذِي بِمصْر لما بلغه أَن فِيهَا دفائن للسلاطين المتقدّمين فحذروه من ذَلِك وَقَالُوا لَهُ أَن الْمَأْمُون العباسي أَرَادَ هدمها فَمَا قدر على ذَلِك وَقَالُوا رُبمَا يكون الأهرام طلسمًا للرمل ولبعض مَنَافِع فَإِنَّهَا مَا وضعت إِلَّا بطرِيق الْحِكْمَة فَعدل عَن هدمها ثمَّ إِنَّه أَقَامَ بِمصْر أَمِيرا يحكم فِيهَا عوضا عَنهُ وَأخذ مِنْهُ أَمْوَالًا كَثِيرَة ثمَّ خرج من مصر بأموال عَظِيمَة وتحف كَثِيرَة مِنْهَا أَنه جعل للسُّلْطَان مُرَاد تختًا من الذَّهَب مرصعًا بالجواهر الْعَظِيمَة وَرجع وَمَعَهُ عَسَاكِر مصر وَجمع عَسَاكِر الشَّام وحاكمها إِذْ ذَاك أويس باشا وكبس جبل الشوف من ضواحي دمشق على طرف الْبَحْر من الْجَانِب الغربي وَبِه قوم من الدروز الباطنية وهم لَا يدينون بِملَّة وَلَا يرجعُونَ إِلَى عقيدة يرَوْنَ للشرائع

1 / 60