أتكفرون رجالا أكفروا رجلا
فلما هجا واصلا وصوب رأي إبليس في تقديم النار على الطين وقال:
الأرض مظلمة والنار مشرقة
والنار معبودة مذ كانت النار
قال واصل بن عطاء: «أما لهذا الملحد المشنف المكتنى بأبي معاذ من يقتله؟ أما والله لولا أن الغيلة سجية من سجايا الغالين لبعثت إليه من يبعج بطنه على مضجعه ويقتله في جوف منزله وفي يوم حفله.» فتجنب الراء في كل الجملة، وحين لم يستطع أن يقول بشار وابن برد والمرعث؛ جعل المشنف بدلا من المرعث، والملحد بدلا من الكافر، وقال: لبعثت إليه من يبعج بطنه. ولم يقل لأرسلت إليه، وقال: على مضجعه. ولم يقل على فراشه.
وقد يفسد النطق عند الكثير من الخطباء بفساد طريقة التنفس وجهلهم أصولها، وقد شرحنا هذا في القسم الثاني من الكتاب، أو لعله في اللسان أو الشفاه أو في الأسنان من نقص أو تكسر.
وخلاصة القول: أن التغلب على هذه العاهات لا يتعذر على الحكيم الصبور بالتمرين والحيلة، والانتباه الدقيق والتأني في تلفظ الحروف وما إليه.
الإنشاء الخطابي
1
للكتابة إنشاء خاص، وللكلام إنشاء آخر، ومن يجيد الواحد قد لا يجيد الثاني، بل ربما كان تناقض بين الاثنين، فإن السواد الأعظم من مشاهير الكتاب لم يكونوا خطباء، وبخلاف ذلك قلما تجد بين الخطباء من لا يعد كاتبا.
Bog aan la aqoon