ويقال: فيه نزلت هذه الآية وفي أبي عبيدة بن الجراح. وذلك أن الجراح سبب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمل عليه ابنه، أبو عبيدة فقتله.
وقال عبد الرحمن بن أبي بكر لأبيه: يا أبت، لقد كنت وجدت إليك سبيلا يوم بدر. فصفحت عنك. فقال: أما أني لو وجدت ذلك منك لما صفحت عنك!
وروي أن سرية مرت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما لقوا العدو، نال بعضهم من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال رجل من الأنصار ، لذلك العدو: لي أبوان فاذكرهما بما شئت من السب، ولا تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال: فكأنما أغراه، فازداد سبا. فلم يصبر هذا الرجل، فحمل وحده عليهم، فألقى بنفسه بين أظهرهم فقتلوه. فلما رجعوا، ذكروا ذلك لرسول الله عليه السلام، كأنهم توهموا أنه ألقى بيده إلى التهلكة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((فما ظنكم برجل لقي الله غدا منيبا فغفر له)).
فهذه صفة الأولياء، وهذا شأنهم في الظاهر. ((لا يخافون في الله لومة لائم)). يحبهم ويحبونه)) ((أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين)). أهل رقة ورأفة ورحمة؛ لا رقة ملق وخداع واستمالة. أعزة على الكافرين. أهل غلظة وحمية لله عز وجل؛ لا تحاسد ولا تجبر ولا صلف ولا استبداد)). ووصف الله تعالى أنه كتب الإيمان في قلوبهم، وحببه إليهم، وزين ذلك أيضا في قلوبهم.
ثم قال: {وأيدهم بروح منه}. (فهؤلاء) أهل لأن يبشروا.
قال له قائل: ولم ذلك؟
قال: لأن الكتاب من المنة، والكريم لا يرجع في المنة!
Bogga 52