وكان سول الله صلى الله عليه وسلم من أنصح الخلق لله تعالى في عباده، فهل بشرهم إلا بعد معرفته أنه لا تضرهم البشرى؟ وكلهم صديقون. والصديق الأكبر فيهم والفاروق والمحبوب، والشهيد والحواري والوصي والأمين. وكلهم أولياء وصديقون. فكذلك من بعدهم من المحدثين من الأولياء.
قال له قائل: هذا خبر أورده الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيهم، فليس في هذا ريب.
قال له: إني لم أحتج بهذا الحديث، لهذا الذي ذهبت إليه، إنما جئت به محتجا أنه بشرهم. فلو علم أنه تضرهم (البشرى) لطوى عنهم الخبر.
أترى أنه لم يكن في أصحابه من أهل الجنة غير هؤلاء العشرة؟ بئس الظن هذا! إنما بشرهم وطوى عن غيرهم، لأنه لم يأمن على نفوسهم من هذا الخبر. والذين قربهم (الله) تعالى وأوصلهم (إليه) ذهبت الخيانات عن نفوسهم، وماتت شهواتهم، وحييت قلوبهم، فلم تضرهم البشرى.
ألا ترى كيف وصفهم (الله تعالى) في تنزيله فقال: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم. أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه}. فروي أن أبا قحافة نال من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه أبو بكر، رضي الله عنه، فصك صدره حتى وقع مغشيا عليه.
Bogga 51