(الفصل العاشر) (علامات الأولياء)
قال له قائل: جميع ما وصفت من صفة هؤلاء هو في الباطن. فهل لهم علامة في الظاهر يعرفون بها؟ وهل يلزم تصديقهم إذا ادعوا الولاية؟ وما الفرق بين النبوة والولاية؟ وما المحدث من الأولياء؟
قال: الفرق بين النبوة والولاية، أن النبوة كلام ينفصل من الله وحيا، معه روح من الله. فيقضى الوحي ويختم بالروح. فبه قبوله. فهذا الذي يلزم تصديقه؛ ومن رده فقد كفر، لأنه رد كلام الله تعالى. والولاية لمن ولى الله حديثه، على طريق أخرى، فأوصله إليه. فله الحديث. وينفصل ذلك الحديث من الله، عز وجل، على لسان الحق. معه السكينة. تتلقاه السكينة، التي في قلب المحدث، فيقبله ويسكن إليه.
قال قائل: وما الحديث من الكلام؟ وما الفرق بينهما؟
قال: الحديث ما ظهر من علمه الذي برز في وقت المشيئة. فذلك حديث النفس، كالسر. وإنما يقع ذلك الحديث من محبة الله تعالى لهذا العبد. فيمضي مع الحق إلى قلبه، فيقبله القلب بالسكينة. فمن رد هذا لم يكفر، بل يخيب ويصير وبالا عليه، ويبهت قلبه، لأن هذا رد على الحق ما جاءت به محبة الله، من علم الله في نفسه، فأودعه الحق وجعله مؤيدا لهذا القلب، والأول رد على الله كلامه ووحيه وروحه. فالمحدثون لهم منازل: فمنهم من أعطي ثلث النبوة، ومنهم من أعطي نصفها، ومنهم من له الزيادة حتى يكون أوفرهم حظا في ذلك من له ختم الولاية!
قال القائل: إني أهاب القول أن يكون لأحد من النبوة شيء، سوى الأنبياء.
قال: ألم يبلغك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: ((الاقتصاد والهدى والسمت الحسن جزء من أربعة وعشرين جزءا من أجزاء النبوة)). فإذا كان المقتصد له من أجزاء النبوة ما ذكر فما ظنك بالسابق المقرب؟
قال القائل: وما الروح، وما الوحي، وما الحق، وما السكينة، وما المحبة؟
Bogga 34