الاصول المصححة المأخوذة عن العلماء الماضين.
ويكفيه المراجعة في ذلك لبعض اصولنا الأربعة التي وضعها الأصحاب (رضوان الله عليهم)، في الأحاديث المشار إليها فيما تقدم، فإن فيها كفاية الطالب وبغية الراغب، وذلك بعد تصحيح نقلها بطريق عدل إمامي إلى مصنفها، ومنه بذلك الطريق إلى المعصوم، وذلك معنى قول الأصحاب: انه لا بد لكل مستدل من أصل مصحح بإسناده عدل متصل بالمعصوم، فإذن لا يحتاج بعد ذلك إلى مطالعة شيء من الكتب، إذا صحح طريق بعضها بأحد الطرق المعتبرة في الاصول.
الثالث: الأحكام التي وقع عليها الإجماع من أهل العصر، ومن سلف قبلهم من المجتهدين، سواء كان إجماع مجموع الأمة، أو إجماع الفرقة المحقة، فإنه ليس محل الاجتهاد أيضا، بل يتلقاها المجتهد عنهم من غير احتياج إلى بحث ونظر، سواء عرف دليل إجماعهم أو جهله.
وإنما الواجب عليه تحقيق إجماعهم وتصحيح حصوله على حكم الحادثة، إما بكثرة البحث والتفتيش في مصنفاتهم والاطلاع على فتاويهم وأقوالهم، حتى يغلب على ظنه انه لم يشذ عنه منها إلا القليل النادر، فيجد جميع أقوالهم وفتاويهم متظافرة على حكم الحادثة، فإنه يجزم به ويأخذ عنهم، ولا يحتاج إلى البحث عن كيفية مأخذه، أو بأن يتواتر أو يشتهر عنهم الاتفاق على حكم الحادثة وعدم الاختلاف فيها، تواترا يفيد العلم أو اشتهارا يفيد متاخمته، فإن ذلك طريق إلى تحصيل معرفة إجماعهم هو أبلغ من الأول وأحسن منه، أو بأن يروي عن بعض العدول الثقات بطريق صحيح، أنهم أجمعوا على أن حكم الحادثة مثلا كذا، أو لم يقع بينهم تنازع فيه، فإنه يكتفى في معرفة إجماعهم بذلك النقل، وهو المسمى عند أهل الاصول بالإجماع المنقول بخبر الواحد، وقد تقرر فيه أنه حجة.
وحينئذ متى تحقق عند طالب الحكم حصول الإجماع على حكم الحادثة، لم
Bogga 133