لك، فلا تقعدْ مستقبلَ القبلةِ ولا بيت المقدس. قال عبد الله: ولقد رقيتُ على ظهر بيتي، فرأيت رسول الله ﷺ قاعدًا على لَبِنتين مستقبلَ بيت المقدس لحاجته (١).
ولما كان ظاهر حديث أبي أيوب منعَ استقبال القبلة، ولو في البنيان، أورد الحافظ حديث ابن عمر هذا؛ ليخص عمومَ مفهومِ ذاك، فَحُمِلَ المنعُ على التخلي في الفضاء، والإباحةُ على البنيان.
فإن قيل: أين البنيان هنا؟
قلت: جاء في رواية عند ابن خزيمة (٢)، قال: فأشرفْتُ على رسول الله ﷺ وهو في خلائه يقضي حاجته محجوبًا عليه بلَبِن (٣).
وللحكيم الترمذي بسندٍ صحيح: فرأيته في كنيفٍ (٤) -وهو بفتح الكاف وكسر النون، بعدها ياءٌ تحتية ففاء-: ما قدمناه، فانتفى زعمُ مَنْ زعمَ أن ابن عمر كان يرى الجواز مطلقًا، يدل له ما تقدم عنه من بوله إلى ناقته، فانتظم المقصود من الأخبار النبوية على تخصيص المنع بالفضاء، والإباحة بالبنيان -كما قدمنا-.
فإن قلت: قد ذكرت أن ابن عمر في الحديث الذي أوردته عنه في "الصحيحين": قال: رقيت على ظهر بيتي. وفي روايةٍ: بيتٍ لنا، وفي
(١) تقدم تخريجه في حديث الباب، وهذا لفظ مسلم.
(٢) في الأصل المخطوط: "ابن حزم"، والاستدراك من "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٤٧)؛ حيث ينقل عنه الشارح ما أثبته هنا.
(٣) رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (٥٩)، إلى قوله: "في خلائه". ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٢٣٤) بلفظ: " ... اطلعت يومًا ورسول الله ﷺ على ظهر بيت يقضي حاجته محجوبًا عليه بلبن".
(٤) كذا نسبه إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١/ ٢٤٧).