قال عبد الله بن عمر: (فرأيتُ النبيَّ) ﷺ بعد رُقيّي على بيتِ أختي حفصة (يَقْضي حاجتَهُ) من البول والغائط، أو أحدهما، حال كونه (مستقبلَ الشامِ، مستدبرَ الكعبةِ).
وهذا تصريحٌ بالمفهوم؛ لأن كل من استقبل الشام في المدينة النبوية وما قاربها، يكون قد استدبر الكعبة قطعًا، يعني: جهة مكة؛ لأن المدينة بين مكة والشام.
ولم يقصد ابن عمر الإشرافَ على النبيِّ ﷺ في تلك الحالة، وإنما صَعِدَ السطحَ لحاجةٍ له، كما في الرواية الأخرى: فحانت منه التفاتةٌ، كما رواه البيهقي من طريق نافعٍ، عن ابن عمر (١)، نعم لما اتفقت له رؤيته له في تلك الحالة عن غير قصدٍ، أحبَّ ألا يُخلي ذلك عن فائدة، فحفظ هذا الحكمَ الشرعيَّ، وكأنه إنما رآه من جهة ظهره حتى ساغ له تأمل الكيفية المذكورة من غير محذورٍ، ودلَّ ذلك على شدة حرص سيدنا ابن عمر على تتبُّعِ أحوال النبيِّ ﷺ؛ ليتَّبعها كما هو المعروف من عادته وديدنه ﵁.
وسبب إيراد ابن عمر ﵁ هذا الحديث: ما في "الصحيحين" عن واسع بن حَبَّانَ ﵁، قال: كنت أصلي في المسجد، وعبدُ الله بنُ عمر مسندٌ ظهره إلى القبلة، فلما قضيتُ صلاتي، انصرفت إليه بشقي، فقال: عبد الله! يقول أناس: إذا قعدْتَ للحاجة تكون
= و"تهذيب الكمال" للمزي (٣٥/ ١٥٣)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (٢/ ٢٢٧)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٧/ ٥٨١)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (١٢/ ٤٣٩).
(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٩٣).