Jawhar Shaffaf
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
Noocyada
قال رضي الله عنه: وقد دخلوا في جملة الناس ولكن أفردوا بالذكر لأن حرصهم على الحياة أشد لأنهم لا يؤمنون بعاقبة، ولا يعرفون إلا الحياة الدنيا فحرصهم عليها لا يستبعد لأنها جنتهم، وفيه توبيخ عظيم لليهود {يود أحدهم لو يعمر ألف سنة} وهذا بيان لزيادة حرصهم أي: يتمنى من عاش من ألف سنة {وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر} الزحزحة التبعد والإنحناء أي: وما أحدهم بمنجيه من النار {والله بصير ما يعملون} أي: خبير بعملهم فمجازيهم عليه وهو تهديد لهم {قل من كان عدوا لجبريل} روي أن عبد الله بن صوريا من أحبار فدك حاج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسأله عمن يهبط عليه بالوحي فقال: جبريل فقال ذاك عدوانا، ولو كان غيره لآمنا بك وقد عادانا مرارا وأشدها أنه طال على بيتنا أي: بيت المقدس سخرية بحيث نصر فبعثنا من يقتله فلقيه ببابل غلاما مسكينا فدفع عنه جبريل وقال إن كان بكم أمره بإهلاككم فإنه لا يسلطكم عليه، وإن لم يكن إياه فعلى أي حق تقتلونه، وقيل: أمره الله أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا وروي أنه كان لعمر رضي الله عنه أرض بأعلى المدينة وكان ممره على مدارس اليهود فكان يجلس إليهم ويسمع كلامهم فقالوا: يا عمر قد آخيناك وإنا لنطمع فيك فقال والله أحبكم لحبكم ولا أسالكم لأني شأك في ديني، وإنما أدخل عليكم أراد بصيرة في أمر محمد وأرى آثاره في كتابكم ثم تسائلهم عن جبريل فقالوا ذاك عدونا يطلع محمد على أسرارنا وهو صاحب كل خسف وعذاب، وأن ميكائيل يجئ بالخطب والسلام فقال لهم: وما منزلتهما من الله قالوا أقرب منزلة جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، وميكائيل عدوا لجبريل فقال عمر إن كانا كما تقولان فما هما بعدوين ولأنتم أكفر من الحمير، ومن كان عدوا لأحدهما كان عدوا للأخر ثم رجع عمر فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقد وافقك ربك يا عمر فقال عمر لقد رأيتني بعد ذلك أصلب من الحجر فإنه يعني جبريل نزله أي: القرآن على قلبك أي: حفظك إياه وفهمكه بإذن الله أي: بتيسيره وتسهيله مصدقا لما بين يديه أي: موافق لما تقدمه من الكتب فلو أنصفوا لأحبوه وشكروا له صنعه في إنزاله ما ينفعهم وتصحح المنزل عليهم {وهدى وبشرى للمؤمنين} أي: زيادة هدى وبشارة لهم.
من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين(98)ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون(99)أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون(100) ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون(101)
{من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله عدوا للكافرين} لأن عداوة الملائكة كفر إذ كانت عداوة الأنبياء كفر فما بال الملائكة، وهم أشرف وأفضل والمعنى أن من عاداهم عاد الله وأفرد جبريل وميكائيل بالذكر لفضلهما كأنهما من جنس أخر.
وقيل: خصهما بالذكر لما ذكرتهما اليهود قالوا: جبريل عدونا وميكائيل ولينا، {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات} أي: معجزات واضحات في الدلالة على صدقك {وما يكفر بها إلا الفاسقون} أي: المتمردون من الكفرة.
Bogga 87