Jawhar Shaffaf
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
Noocyada
إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم(177)ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين(178)ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم(179) {إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان} أي: استبدلوه به وهذا تكرير لذكر الكفار المسارعين في الكفر للتأكيد والتسهيل عليهم {لن يضروا الله شيئا} من الضرر أو بعض الضرر وإنما ضروا أنفسهم بعقاب ذلك الإشتراء وبين لحوق الضرر بهم بقوله [30{{ولهم عذاب أليم} في الآخرة {ولا يحسبن الذين كفروا} أي: لا يظن وهم اليهود أو المنافقون {أنما نملي لهم} الإملاء لهم هو تخليتهم وإمهالهم وإطالة عمرهم، {خيرا لأنفسهم} معناه: لا يحسبن أن الإملاء خير لهم من منعهم أو قطع آجالهم {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما} يعني: إنما نطيل أعمارهم زيادة في التمكين فيكون عاقبتهم الازدياد في الإثم والازدياد تعليل للإملاء وليس بعرض الله تعالى وجاز أن يكون الازدياد علة للإملاء على سبيل المجاز، لما كان في علم الله إنهم يزدادون إثما بسبب الإملاء لما يكسبون من زيادة الكفر والمعاصي مع التخلية والإمهال، وإطالة العمر فصار كأن الإملاء وقع من أجل ازديادهم الإثم على طريق المجاز، لأن ازدياد الإثم مسبب عن الإملاء وفي قراءة بعضهم بكسر إن الأولى وفتح الثانية، ولا يحسبن بالياء على معنى: ولا يحسبن الذين كفروا أن إملائنا لازدياد الإثم كما يفعلون وإنما هو ليتوبوا ويدخلوا في الإيمان وقوله{إنما نملي لهم خير لأنفسهم} فاصل بين ما قبله وما بعده متصل بما قبله، ومعناه أن الإملاء تأخير لأنفسهم إن عملوا فيه وعرفوا إنعام الله عليهم بتفسيح المدة وترك المعاجلة بالعقوبة، {ولهم عذاب مهين} أي: لهم في الآخرة عذاب يهينهم {ما كان الله ليذر المؤمنين} المعنى: ما كان ليترك المؤمنين على ما أنتم عليه من اختلاط المؤمنين الخلص والمنافقين {حتى يميز الخبيث من الطيب} أي: يعزل المنافق عن المؤمن المخلص والخطاب في أنتم للمصدقين جميعا من أهل الإخلاص والنفاق كأنه قيل ما كان الله ليذر المخلص منكم على الحال التي أنتم عليها من اختلاط بعضكم ببعض، وأن لا يعرف مخلصكم من منافقكم، لاتفاقكم على التصديق جميعا حتى يميزهم منكم بالوحي إلى نبيه وإخباره بأحوالكم ثم قال {وما كان الله ليطلعكم على الغيب} أي: وما كان الله ليؤتي أحدا منكم علم الغيب فلا تتوهموا إذا أخبركم الرسول بنفاق الرجل وإخلاص الآخر، إنه يطلع على ما في القلوب باطلاع الله فيخبر عن كفرها وإيمانها {ولكن الله يجتبي} أي: يصطفي ويختار {من رسله من يشاء} اجتباه فيخبره ببعض من المغيبات وأن فلانا في قلبه النفاق، وفلانا في قلبه الإخلاص فيعلم ذلك من جهة إخبار الله له لا من جهة علمه بالغيب، {فأمنوا بالله} بأن تقدروه حق قدره وتعلموه وحده مطلعا على الغيوب، {ورسله} بأن تنزلوهم منازلهم وتعلموهم عبادا مختارين لا يعلمون إلا ما علمهم الله، ولا يخبرون إلا بما أخبرهم الله به وأنهم ليسوا من علم الغيب في شئ.
وروى السدي: أن الكافرين قالوا إن كان محمد صادقا فليخبرنا من يؤمن ومن يكفر، فنزلت {وإن تؤمنوا} تصدقوا بأن علم الغيب لا يعلمه إلا الله {وتتقوا } المعاصي وفعلها [31]{فلكم أجر عظيم} ثواب جزيل.
Bogga 375