Jawhar Shaffaf
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
Noocyada
وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين(166)وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون(167) {وما أصابكم يوم التقى الجمعان} هو يوم أحد والجمعان جمعكم وجمع قريش {فبإذن الله} أي فهو كائن بإذن الله أي: بتخليته استعاد الإذن لتخلية الكفار وأنه لم يمنعهم منهم {ليبتليهم وليعلم المؤمنين} أي ليتميزوا عن المنافقين ويظهر إخلاصهم {وليعلم الذين نافقوا} أي: وليميز الذين نافقوا من المخلصين فيظهر نفاقهم {وقيل لهم تعالوا} يعني والذين قيل لهم تعالوا أي أقبلوا {قاتلوا في سبيل الله} أي: في جهاد المشركين ويجوز أن يتم الكلام على قوله نافقوا ويكون قوله وقيل لهم كلاما مبتدأ كأنه قسم الأمر عليهم بين أن يقاتلوا للآخرة كما يقاتل المؤمنون وبين أن يقاتلوا دفعا عن أنفسهم وأهليهم فقال {وادفعوا} وقيل وادفعوا العدو بتكثيريكم سواد المجاهدين وإن لم يقاتلوا لأن كثرة الثواب مما يروع العدو ويكسر منه، وعن سهيل بن سعد الساعدي وقد كف بصره لو أمكنني لبعت داري ولحقت بثغر من ثغور المسلمين فكنت بينهم وبين عدوهم قيل وكيف وقد ذهب بصره، قال لقوله تعالى {وادفعوا} أراد كثر سوادهم {قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم} هذا جحد للقدرة على القتال، رأسا جحدوه لنفاقهم ودجلهم وذلك ما روي أن ابن أبي أنجز مع حلفائه فقيل له فقال ذلك ويحتمل أنهم أرادوا لو نعلم ما يصح أن يسمى قتالا لاتبعناكم يعنون إن ما أنتم فيه ليس شئ، ولا يقال لمثله قتال، إنما هو إلقاء بالأنفس إلى الهلكة لأن رأي عبد الله كان في المدينة واستفتح الخروج، {هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان} يعني: أنهم كانوا قبل ذلك اليوم يتظاهرون بالإيمان وما ظهرت منهم أمارة تؤذن بكفرهم فلما انجزلوا عن عسكر المؤمنين وقالوا ما قالوا تباعدوا في ذلك عن الإيمان، المبطنون واقتربوا من الكفر، وقيل هم لأهل الكفر أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان لأن تعليهم سواد المسلمين بالإنجزال تقوية للمشركين {يقولون بأفواههم} بألسنتهم{ ما ليس في قلوبهم} أراد أن إيمانهم لا يتجاوز أفواههم ومخارج الحروف منهم ولا تعي قلوبهم منه شئ وذكر الأفواه مع القلوب تصوير لنفاقهم وأن إيمانهم موجود في أفواههم معدوم في قلوبهم، خلاف صفة المؤمنين في مواطئة قلوبهم لأفواههم {والله أعلم بما يكتمون} من النفاق وبما يتخافتون من ذم المؤمنين وتجهليهم، وتخطية رأيهم والشماتة بهم وغير ذلك لأنكم تعلمون بعض ذلك علما مجملا بأمارات وأنا أعلم كله علم إحاطة بتفاصيله وكيفياته. [27].
الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين(168) ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون(169)فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون(170)
{الذين قالوا لإخوانهم} أي: هم الذين قالوا لإخوانهم من المنافقين المقتولين يوم أحد {وقعدوا} أي: قالوا وقعدوا عن القتال {لو أطاعونا} أي: إخواننا فيما أمرناهم فيه من القعود ونافقون فيه، {ما قتلوا} كما لم نقتل، {قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} معناه: قل لهم إن كنتم صادقين في أنكم وجدتم إلى دفع القتل سبيلا وهو القعود عن القتال فجدوا إلى دفع الموت سبيلا يعني: أن ذلك الدفع غير مغن عنكم لأنكم إن دفعتم القتل الذي هو أحد أسباب الموت لم تقدروا على دفع سائر أسبابه المثبوتة ولا بد لكم من أن يتعلق بكم بعضها.
Bogga 366