Jawhar Shaffaf
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
Noocyada
إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط(120)وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم(121)إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون(122) {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها} المس مستعار بمعنى الإصابة، وكان المعنى واحدا والحسنة الرخاء، والخصب والنصرة والغنيمة ونحوها من المنافع، والسيئة ما كان ند ذلك وهذا بيان لشدة معاداتهم حيث يحسدونهم على ما نالهم من الخير ويشتهون بهم فيما أصابهم من الشر {وإن تصبروا} على عداوتهم {وتتقوا} ما نهيتم عنه من موالاتهم أو تصبروا على تكاليف الدين ومشاقه وتتقوا الله في اجتناب محارمه كنتم في حفظ الله {لا يضركم كيدهم شيئا} أي: لا يضركم مكرهم وإخفاء عداوتهم هذا تعليم من الله وإرشاد إلى أن يستعان على كيد العدو بالصبر والتقوى، وقد قال الحكماء إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازداد فضلا في نفسك، {إن الله بما يعلمون محيط} من الصبر والتقوى وغيرهما محيط وفاعل بكم ما أنتم أهله {وإذ غدوت من أهلك} معناه واذكر إذ غدوت من أهلك بالمدينة وهو عدوه إلى حد من حجرة عائشة، والسبب أن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء فاستشار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه، ودعا عبد الله بن أبي بن سلول ولم يدعه قط قبلها، فاستشاره فقال عبد الله وأكثر الأنصار يا رسول الله: أتم بالمدينة ولا تخرج إليهم فوالله ما خرجنا منها إلى عدو قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، وكيف وأنت فينا فدعهم فإن أقاموا أقاموا بشر مجلس وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة، وإن رجعوا رجعوا خائبين وقال بعضهم: يا رسول الله اخرج بنا إلى هؤلاء الأكلب لا يرون أنا قد جبنا عنهم فقال عليه السلام: ((إني قد رأيت في منامي قبل مذبحة حولي فأولتها خيرا ورأيت في ذباب سيفي ثلما فأولته هزيمة ورأيت كأني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم فقال رجل من المسلمين قد فاتتهم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد اخرج بنا إلى أعدائنا فلم يزالوا به حتى دخل فلبس لامته فلما رأوه قد لبس لامته ندموا وقالوا بئس ما صنعنا نشير على رسول الله والوحي ينزل عليه، فقالوا يا رسول الله ما رأيت، فقال: لا ينبغي لنبي أن يلبس لامته فيضعها حتى يقاتل فخرج يوم الجمعة بعد الصلاة وأصبح بالشعب من أحد يوم السبت، النصف من شوال فمشى على رجليه فجعل يصف أصحابه للقتال، كأنما يقوم بهم القدح، إن رأى صدرا خارجا قال تأخر، وكان نزوله في عدوة الوادي أي: جانبه وجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وأمر عبد الله بن جبير على الرماة وقال لهم انضحوا أي ادفعوا عنا بالنبل، لا يأتوننا من ورائنا {تبوء المؤمنين} تنزلهم بمعنى تسوه لهم وتهيئ مقاعد للقتال مواطن ومواقف {والله سميع} لأقوالكم {عليم} ببيانكم وضمائركم {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا} هما قبيلتان من الأنصار بنوا سلمة ومن الخزرج وبنوا حارثة من الأوس، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ألف وقيل في تسعمائة وخمسين والمشركون في ثلاثة آلاف ووعدهم رسول الله الفتح إذا صبروا فانحزل عبد الله بن أبي لعنه الله بثلث الناس وقال يا قوم علاما نقتل أنفسنا وأولادنا فتبعهم عمرو بن حزم الأنصاري فقال: أنشدكم الله في بنيكم وأنفسكم فقال عبد الله لو نعلم مالا لاتبعناكم فهم الحيان لاتباع عبد الله فعصمهم الله فمضوا مع رسو الله صلى الله عليه وآله وسلم.
Bogga 335