Jawhar Shaffaf
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
Noocyada
ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون(24)فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون(25)قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير(26) {ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات} أي: ذلك التولي والإعراض بسبب تسهيلهم على أنفسهم بأمر العقاب، وطمعهم في الخروج من النار بعد أيام قلائل كما طمعت الجبرية والحشوية،[143{{وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون} أي: يكذبون من أن آبائهم الأنبياء يشفعون لهم كما غرت أولئك شفاعة كبائرهم التي ارتكبوها وتمنوا على الله شفاعة رسوله فيها{فكيف إذا جمعناهم} معنى: فكيف يصنعون وكيف يكون حالهم هذا استعظام لما أعد لهم وتهويل لهم وأنهم يقعون فيما لا حيلة في دفعه، والمخلص منه وأن ما حدثوا به أنفسهم وسهلوه عليها تعلل بباطلهم وتطمع بما لا يكون، وروي أن أول راية ترفع لأهل الموقف من رايات الكفار اليهود فيفضحهم الله على رؤوس الأشهاد ثم يأمرهم إلى النار، {ليوم لا ريب فيه} أي: لجزاء يوم لا شك فيه، {ووفيت كل نفس ما كسبت} أي: جزاء ما عملت من خير وشر، أي أعطيت ذلك كاملا {وهم لا يظلمون} أي: لا ينقص من سيئاتهم ولا يزاد في حسناتهم والمعنى: أنه يرجع إلى كل نفس {قل اللهم مالك الملك} أي: يملك حسنا منه فيتصرف فيه {تؤتي الملك من تشاء} أي: تعطي من تشاء النصيب الذي قسمت له واقتضته حكمتك {وتنزع الملك ممن تشاء} أي: النصيب أعطيته منه، فالملك الأول عام والملكان الأخران خاصان بعض من كل روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين افتتح مكة وعد أمته ملك فارس والروم، فقال المنافقون واليهود هيهات هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم، وهم أعز وأمنع من ذلك، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما خط الخندق عام الأحزاب وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا وأخذوا يحفرون خرج من بطن الخندق صخرة كالجبل العظيم، لم تعمل فيها المعاول ووجهوا سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخبره فأخذ رسول الله المعول من يد سلمان وضربها ضربة صدعتها، وبرز منها برق أضاء ما بين لابتيها لكأن مصباحا في حرف بيت مظلم وكبر وكبر المسلمون وقال: ((أضاء لي منها قصور الحيرة كأنها أنياب الكلاب)) ثم ضرب الثانية فقال: ((أضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروم)) ثم ضرب الثالثة فقال: ((أضاءت لي قصور صنعاء فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها كلها فأبشروا)) فقال المنافقون: ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل أيخبركم أنه ينظر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الخوف لا تستطيعون أن تبرزوا فنزلت {وتعز من تشاء} يريد المهاجرين والأنصار قاله ابن عباس، {وتذل من تشاء} يريد فارس والروم {بيدك الخير إنك على كل شئ قدير} من الإعزاز والإذلال وذكر الخير دون الشر لأن السلام إنما وقع في الخير الذي يسوقه إلى المؤمنين، وهو الذي أنكرته الكفرة فقال بيدك الخير تؤتيه أوليائك على رغم من أعدائك ولأن أفعال الله من نافع وضار صادر عن الحكمة والمصلحة فهو خير كله أبنا الملكية وتنزعه.
تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب(27) لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير(28)
{تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل} أي: يحصل ظلمة الليل في مكان ضياء النهار بغيبوبة الشمس وضياء النهار في مكان ظلمة الليل بطلوعها، والإيلاج الإدخال، {وتخرج الحي من الميت} أي: الحيوان من النطفة {وتخرج الميت من الحي} والنطفة من الحيوان {وترزق من تشاء بغير حساب} يعني بغير تضييق ولا تقتير.
Bogga 274