أن يصير الرئيس مرؤسا، والعقل مقهورا، فيفسد جوهركم، وتمسخ حقيقتكم، ويدرككم الانتكاس في الخلق الذي هو خروج عن أفق الإنسان ودخول في زمرة البهائم والسباع والشياطين، نعوذ بالله ونسأله العصمة من الخسران الذي لا نهاية له. وقد شبه الحكماء من أهمل سياسة نفسه الغافلة بمن له ياقوتة شريفة حمراء، فرماها في نار مضطرمة فيحرقها، حتى تصير كلسا (43) لا منفعة فيها.
(تتميم) ولا تظنن أن ما يفوت عن النفس من الصفاء والبهجة لأجل ما يعتريها من الكدرة الحاصلة من معصية من المعاصي يمكن تداركه، فإن ذلك محال، إذ غاية الأمر أن نتبع تلك المعصية بحسنة تمحي آثارها، وتعيد النفس إلى ما كانت عليه قبل تلك المعصية، فلا تزداد بتلك الحسنة أشرافا وسعادة، ولو جاء بها من دون سيئة لزاد بها نور القلب وبهجته، وحصلت له درجة في الجنة، ولما تقدمت السيئة سقطت هذه الفائدة وانحصرت فائدتها في مجرد عود القلب إلى ما كان عليه قبلها، وهذا نقصان لا حيلة لجبره، ومثال ذلك أن المرآة التي تدنست بالخبث والصدأ إذا مسحت بالمصقلة وإن زال به هذا الخبث، إلا أنه لا تزيد به جلاء وصفاء، بخلاف ما إذا لم تتدنس أصلا، فإن التصقيل يزيدها صفاء وجلاء، وإلى ما ذكر أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: " من قارف ذنبا فارقه عقل لم يعد إليه أبدا ".
Bogga 67