قال: «الحجر الأسود يمين الله فى أرضه. فمن لم يدرك بيعة النبى (صلى الله عليه وسلم) فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله» (1) ومعنى كونه يمين الله فى أرضه أن من صافحه كان له عند لله عهد، وجرت العادة بأن العهد الذى يعقده الملك لمن يريد موالاته والاختصاص به إنما هو بالمصافحة فخاطبهم بما يعهدونه. قاله الخطابى.
ونقل عن المحب الطبرى أن كل ملك إذا قدم عليه الوافد قبل يمينه، فنزل الحجر منزلة يمين الملك، ولله المثل الأعلى (2).
وروى الشيخان عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قبل الحجر ثم إنه قال: والله لقد علمت أنك حجر لا تضر ولا تنفع، قال بعض الفضلاء: إلا بإذن، ولو لا أنى رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقبلك ما قبلتك، وقرأ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (سورة الأحزاب: 21) وروى أنه لما قال ذلك قال له أبى بن كعب: إنه يضر وينفع، إنه يأتى يوم القيامة وله لسان ذلق يشهد لمن قبله واستلمه فهذه منقبة. وفى رواية أيضا أن على بن أبى طالب (كرم الله وجهه) قال لعمر: بلى يا أمير المؤمنين، إنه يضر وينفع، وإن الله لما أخذ المواثيق على آدم كتب ذلك فى رق وألقمه الحجر. وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: يؤتى بالحجر الأسود يوم القيامة وله لسان يشهد لمن قبله بالتوحيد، فقال عمر رضى الله عنه: لا خير فى عيش قوم لست فيهم يا أبا الحسن. وفى رواية: لا أحيانى الله لمعضلة لا يكون فيها ابن أبى طالب حيا. وفى أخرى للأزرقى: أعوذ بالله أن أعيش فى قوم لست فيهم يا أبا الحسن.
فوائد:
الأولى: إنما قال عمر رضى الله عنه ذلك لأن الناس كانوا حديثى عهد بعبادة الأصنام، فخشى أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار كما كانت العرب تفعله فى الجاهلية، فأراد عمر رضى الله عنه أن يعرف الناس أن استلامه اتباع لفعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا أن الحجر يضر وينفع بذاته كما اعتقدته الجاهلية فى الأوثان، كذا نقله الجد عن المحب الطبرى.
Bogga 39