عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ، قال: "إنّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِياء منْ قَبْلي كَمَثَل رَجُلٍ بَنَى بيتًا فَأَحْسَنْهُ وَأجْمَلَهُ، إلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلِ النَّاسِ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيُعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنا خَاتَم النَّبِيينَ" (^١).
* * *
وجاء علماؤنا على هذا الهدي القرآني والنبوي الشريف: يقدرون العمل الطيب المبذول، ويضيفون إليه، ويدعون الله بالخير لمن قام به .. ولننظر إلى ما يقوله ابن رجب الحنبلي عندما ذكر إضافة النووي إلى ما أملاه ابن الصلاح (ص ٥١): "ثم إن الفقيه الإمام الزاهد القدوة أبا زكريا: يحيى النووي، رحمة الله عليه، أخذ هذه الأحاديث التي أملاها ابن الصلاح وزاد عليها تمام اثنين وأربعين حديثًا، وسمى كتابه بالأربعين. واشتهرت هذه الأربعون التي جمعها، وكثر حفظها، ونفع الله بها ببركة نية جامعها، وحسن قصده، رحمه الله تعالى".
* * *
هذه هي الروح التي تعاون بها حَمَلة هذا التراث العظيم. ليست مجرد إضافة علمية تزيد بها الصفحات، وإنما هي تراث أخلاقي يحدد مستويات العلاقة بين الأجيال المتعاصرة والمتتابعة، على أساس من الحب والإخاء والتقدير .. فالإضافة إلى كتاب، والشرح على متن، والرواق الجديد في مسجد قديم. والتجديد في سبيل أو مدرسة: كل أولئك ينبع من معين واحد، ويصدر عن عقيدة واحدة، هو التواصل الحضاري الذي استطاع أن يحفظ لنا الكثير من تراثنا، وتراث الإنسانية!!
والكتاب الذي بين أيدينا صورة تطبيقية لهذا التواصل، يشترك في صياغتها ما بذله السيد المحقق من جهد، وما بذل أساتذته له في الأزهر الشريف من عون وتوجيه، وما قامت به مؤسسة الأهرام من أعباء نشر هذا التراث. وفي هذا استمرار لجهد ابن رجب، ومن قبله النووي، وابن الصلاح، والخطابي تعاونا على حفظ الحديث الشريف.
* * *
_________
(^١) متفق عليه بخارى ح ٣٥٣٥ ومسلم ح ٢٢٨٦.
1 / 33