ثم المشي بالسيف كفاحا بالذب عن الإسلام، وتأسيس الدين، وقتل عدوه، وإحياء وليه. فليس وراء بذل المهجة واستفراغ القوة غاية يطلبها طالب، ويرتجيها راغب. ولم نجد فعلا خامسا فنذكره. فمتى رأينا هذه الخصال مجتمعة في رجل دون الناس كلهم وجب علينا تفضيله عليهم، وتقديمه دونهم
وذلك أنا إذا سألنا العلماء والفقهاء، وأصحاب الأخبار وحمال الآثار، عن أول الناس إسلاما، قال فريق منهم: علي. وقال فريق منهم: أبو بكر. وقال آخرون: زيد بن حارثة. وقال قوم: خباب. ولم نجد كل واحد من هذه الفرق قاطعا لعذر صاحبه، ولا ناقلا له عن مذهبه، وإن كانت الرواية في تقدم علي أكثر، واللفظ به أظهر.
وكذلك إذا سألناهم عن الذابين عن الإسلام بمهجهم، والماشين إلى الأقران بسيوفهم، وجدناهم مختلفين. فمن قائل يقول: علي، ومن قائل يقول: الزبير، ومن قائل يقول: ابن عفراء، ومن قائل يقول: أبو دجانة، ومن قائل يقول: محمد بن مسلمة، ومن قائل يقول: طلحة، ومن قائل يقول: البراء بن مالك.
على أن لعلي - رضي الله عنه - من قتل الأقران والفرسان والأكفاء، ما ليس لهم، فلا أقل من أن يكون في طبقتهم.
Bogga 208