وتسألها الجلوس مع النسوة في المأتم تحت الظلال فتأبى ذلك وتقول لها إني آليت على نفسي ما دمت حية أن لا استظل عن حرارة الشمس منذ رأيت سيدي الحسين في حرارة الشمس.
أترى أن ذلك كان مما يخفى على الإمام عليه السلام أو أنه كان يمنعهن من ذلك ولم يمتثلن منعه لا سبيل إلى شئ منهما بل إنما هو لكونه داخلا في عنوان شعار الحزن والتحزن عليه عليه السلام ومن تعظيم المصيبة التي هي أعظم جميع المصائب :
وكيف كان فقد بان من ذلك كله أنه لا وجه للحكم بكراهة لبس السواد في مصيبة سيد شباب أهل الجنة أرواحنا له الفداء بقصد التلبس بلباس الحزن المتعارف من قديم الزمان كما هو المفروض تمسكا بعموم أدلة كراهته ولا لجعل معارضتهما من قبيل معارضة دليل حرمة الغناء ودليل رجحان رثاء مولانا الحسين عليه السلام كما هو صريح خالي العلامة أعلى الله مقامه لسلامة رجحان لبسه في المقام عن معارضته بأدلة الكراهة من جوه شتى كما وقفت عليها وعمدتها عدم دخوله في موضوع أدلة الكراهة فلا يكون حينئذ من قبيل معارضة دليل حرمة الغناء المحرم ذاتا مطلقا من حيث كونه غناء ودليل رجحان رثائه بطريق الغناء ولو أشعر بعض الأخبار بتعليل تحريمه بكونه مورثا للفساد من حيث كونه مطربا إلا أنه ليس بحيث يدور الحكم معه وجودا وعدما إجماعا منا على الظاهر المصرح به كذلك في ألسنة الأصحاب قديما وحديثا:
فما رجحه شيخنا المحدث البحراني قدس سره في حدايقه من رجحان لبسه في مآتم مولانا الحسين عليه الصلاة والسلام ومصيبته
Bogga 51