وعنه عليه السلام أنه قال:(الرياء شرك، إن الله يحب الأتقياء الأخفياء الأبرار، والذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل فتنة سوداء مظلمة)(1).
وهذه خصلة شريفة عظيمة من وفق لها فقد نال حظا عظيما، وقل أن يتصدر الإنسان للقيام بالأمور الجسام، من الأمارة والوزارة والولاية والقضاء، والإنتصاب للتدريس والمناظرات وغيرذلك، وإن كانت لله تعالى مع إمام عدل فسلم من وسوسة الشيطان، وتأييد هوى النفس حتى تبطل أعماله بحب الثناء والذكر.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه بعث المقداد على جريدة خيل فلما رجع قال: كيف رأيتهم؟ قال: رأيتهم يرفعونني ويضعونني حتى ظننت أني لست ذاك. فقال:(هو ذاك المنهي عنه. فقال المقداد: والله لاعملت على أحد أبدا)(2) فكانوا يقدمونه ليصلي بهم فيأبي.
وقل أيضا أن يتورط إنسان في الأمور العظيمة دينا ودنيا، بحيث يشتهر أمره ثم يحصل له الخمول وافناء الذكر، حتى يتحقق أن أعماله كلها خالصة من كل ريب إلا من أخذ التوفيق بيده، وشال بضبعه، وعظمت جلالة الله في عينيه، وكثرت خشية قلبه، وصبر على ذم المعارف، وقلة رضا الموالف، واتخذ العزلة شعاره، والثقة بربه دثاره وقليل ماهم.
Bogga 79