وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم (حب الثناء من الناس يعمي ويصم)(2) وصدق رسول الله، فإن المشغوف بالثناء يهلك ماله بالعطاء والإطعام ويعده كرما، وهو طالب للشكر من الخلق والإجلال من جهتهم، وربما أهلك نفسه وروحه حتى تفوته الدنيا بالقتل طلبا للثناء بالشجاعة والإتصاف بها، وربما أهلك عرضه بالتذلل والتواضع في الكلام في المجالس وغير ذلك طلبا للثناء من الخلق، والوصف له منهم بحسن الخلق، وهذه ضحكة عظيمة بنفسه وسخرية بها، فإنه لابدل لروحه وماله وعرضه، فإذا هلك في الدنيا والآخرة فماذا يبقى له بعد ذلك، وصاحب هذه الخصلة لايزال في بلاء وتعب وعناء لكثرة مواضبته على الرضى للخلق كلهم، ولن يرضى الخلق بأجمعهم عن واحد أبدا، بل ولابد[أن] فيهم من يبغضه فإنا لو قدرنا السلامة من كل وجه لكثرة العطاء والإطعام فلا يسلم أن ينفتح عليه باب الحسد من بعضهم أوأكثرهم، فإن من علا صيته، وكثرت فضائله عند الناس كثر حساده على مايأتي بيانه إن شاء الله.
وهذا باب لاينبغي للعاقل أن يفتحه على نفسه، فإنه لايحصل منه مطلبه، وهو يفتح عليه عظيم الآفات فتوقعه في الهلكات في الدنيا والآخرة.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم (ثلاثة يدخلون النار، رجل قاتل للدنيا، وعالم أراد أن يذكر في الناس لايحتسب علمه، ورجل وسع عليه رزقه فجاد به في الثناء وطلب ذكر الدنيا)(1).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم (بحسب ابن آدم من الشر أن يشار إليه بالأصابع في أمر دينه أودنياه)(2).
Bogga 77