الآفة الأولى الشبهة
وإنما قدمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن فتنتها أعم، وأمرها أهم، فكم من عالم طرحته في بحار الضلال، ومتعلم أوردته أودية الوبال، وجاهل دحته في ميدان النكال، ونتيجتها الغلو في الدين، وقلة القبول للبراهين هذه نتيجة في القلب.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين)(1).
ونتيجة ثانية في القلب وهي العجب بما هو عليه وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم
(لولم تذنبوا لخشيت عليكم ماهو أشد من ذلك العجب العجب)(2).
وهذه النتيجة وهي العجب تكون أيضا مقارنة للتعاظم والكبر، ومتولدة فيما يولده في كل فن من الأفعال، فنعوذ بالله منهما، وكل من استكثر أعماله الصالحة، فينبغي أن ينظر هل يجد لنفسه عيبا، فإن وجده صغر نفسه عند ذلك وحقرها، واستهزأ بها لتحسينها الظن به وإساء تها الظن بغيره، وإن لم يجد لنفسه عيبا فذلك من أعظم الحماقة وأقبحها، ولو أراد الله به خيرا لبصره عيوبه، فليرجع على نفسه، ويعرفها أن من أعظم ذنبها تحسين الظن بجملة أفعالها، وهذه الآفة وهي الشبهة في الدين نتائجها كثيرة في القلب، فأما في سائر الجوارح فإنها إذا تمكنت من القلب حركت جميع الجوارح السبعة، نحو تحريك اللسان بالجدال والذم واللعن وغير ذلك، وتحريك اليد باللطم والسطوات العظيمة، يعني: كما فعلته بالجوارح، وتحريكها للبصر عند هذه الأمور، وتحريكها للبطن والفرج بالإستحلال لما لم يكن يحل من الأحوال والنساء وغير ذلك، وللأذن بالتجسس على الخلق.
وعلى الجملة فإن آفات القلب أبدا تظهر أفعالها الجوارح، ولهذه الآفة معين ومعاضد من أفعال القلب، وهو التقليد فيما يقع الضلال.
Bogga 69