ويوضح فيه عظم هذه المهمة، وأنه لا يمكن تحقيق الهدف دفعة واحدة، أو بين عشية وضحاها، فلا بد من الصبر على التدرج، ولا بد من ترتيب الأولويات والسير في ذلك على خطوات مدروسة، وبرامج محددة، وفي هذا الصدد يقول :
" فليكن تعريفه مراعيا للمصلحة، وقبول الفطرة، بلا سآمة وليخص كلا بما هو أخص به من الأشياء، من دون إغضاء على باطل، ولا إغماض في حق، ولا مداهنة، ولا مداراة، ولا تقصير" (¬1) .
الفصل السابع: في الأدب والعقوبات:
ويبدأ الحديث ببيان أن العقوبات مما يختص به السلطان دون الرعية، خاصة الحدود.
ثم يناقش مسألة حكم إنفاذ الحدود من قبل الحاكم الجائر أو من قبل السيد على عبده، ويرجح هو عدم الجواز لأن الجائر "لا يزيد منزلة على واحد من أراذل الرعية، وإن كان ظاهر الغلبة، والقدرة، فما هي في الحق إلا نوع قصور (¬2) " من قبل الأمة، وهذا خلاف العقوبات الأخرى التي يمكن أن يقوم بها من يقوم مقام الحاكم كالرئيس في عشيرته.
ويؤكد بأن تنفيذ هذه العقوبات واجب شرعي ليس لأحد إبطاله فعدم معاقبة أهل الفساد متعارض مع الإرادة الإلهية، إضافة إلى أنه يؤدي إلى الإضرار بالمجتمع والجرأة على فعل المنكرات، وفي هذا كله فلا بد للقائم من نية حسنة وأن يكون هذا التنفيذ في سبيل الله، وأن لا يستعجل بالعقاب قبل قطع الأعذار، مع شرط عدم التجاوز لما أذن له شرعا من المقدار، حتى لا يعود في عدله ظالما.
ثم يقسم العقوبات إلى ما كان من حقوق الله، وهذا يكفي فيه النصيحة والتعليم، إذا صدر من فاعله على معنى الجهل أو الغلط، أو إذا تاب وأخلص، وأعطى الحق من نفسه.
أما إذا كان الحق متعلقا بحقوق العباد كالحبس على شتم أو ضرب فهو من النوع الواجب، وليس للحاكم التخيير، وإن كان له التشديد والتخفيف.
ثم يتناول أنواع العقوبات في مسالتين.
الأولى : في الحبس وصفاته، وفيها يبين:
* معنى السجن والحبس والطمر.
¬__________
(¬1) أنظر صفحة:181-182
(¬2) أنظر صفحة:184 * مواصفات السجن وشروطه.
Bogga 66