و هكذا سار في مقدمته حتى النهاية، وقد اتسمت بالسجع وجزالة اللفظ، ومعظم جملها عبارة عن اقتباس من القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف.
وهذه المقدمة وإن خلت من المنهج المنطقي المتبع حديثا إلا أنه قد ذكر فيها فرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه لا عذر لمسلم في تركهما ولا في جهله بهما، كما أنه بين الأسباب الدافعة إلى تأليف هذا الكتاب مما يحملنا على القول بأن المقدمة تعطي القارئ تصورا مركزا عن موضوع الكتاب، وهو ما يسمى ببراعة الاستهلال.
الباب الأول : ويشتمل على الأدلة النقلية الدالة على فرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد قسمه على ثلاثة فصول:
أما الفصل الأول: فقد خصصه لبيان الأدلة من القرآن الكريم وقد ساق في هذا الفصل سبع عشرة آية، ثم ختمه ببيان أن في الكتاب العزيز الكثير من الآيات في هذا الشأن، وأنه لم يقصد الحصر وإنما ذكر ما تتم به الفائدة.
وأما الفصل الثاني : في شواهد الحديث النبوي:
وأورد فيه - كذلك- سبعة عشر حديثا، وإن لم يبلغ بعضها درجة الصحة إلا أن كثرة الصحيح منها كافية للاستدلال.
وأما الفصل الثالث : فهو لبيان الأدلة من خلال الآثار المروية عن السلف الصالح رضي الله عنهم وعددها أيضا سبعة عشر أثرا، وقد أمكن تخريج بعض هذه الآثار بسند صحيح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعد أن أورد هذه الفصول خرج بخلاصة يوضحها بقوله: " ألا وإني على أثر جميع ذلك لأقول : إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ثبت أصلهما من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مع الإجماع على ذلك وشاهد العقل السليم، فلا يمارى فيه ذو بال، ولا يجحده عاقل بحال" (¬1) .
ثم يؤكد هذا الاستنتاج بأن لنا في هذا الفهم أئمة، ما علينا إلا الاتباع والاقتداء بهم، ويأخذ في توضيحهم على النحو التالي:
¬__________
(¬1) أنظر صفحة 150. ومخطوط إغاثة الملهوف (أ) ص 202 .
Bogga 62