قول الجمهور الذين لا يُنفِذون طلاق المكره (^١).
ثم منهم: من اشترط مع ذلك أن يكون عالمًا بمعناه، فإنْ تكلَّم به اختيارًا غيرَ عارفٍ بمعناه، لم يَلْزَمْهُ حكمُه. وهذا قولُ من يقول: لا يُلْزَمُ المكلفُ أحكامَ الأقوالِ حتى يكون عارفًا بمدلولها. وهذا هو الصواب.
ومنهم: من اشترط مع ذلك أن يكون مريدًا لمعناه، ناويًا له، فإنْ لم ينوِ معناه ولم يُرِدْهُ، لم يَلْزَمْهُ حكمه. وهذا قولُ من يشترط لصريح الطلاق النيةَ، وقولُ مَنْ لا يُوقِع الهازل. وهو قولٌ في مذهب الإمام أحمد ومالك (^٢) في المسألتين، فيَشْتَرِط هؤلاء الرضا بالنطق اللسانيِّ، والعلمَ بمعناه، وإرادةَ مقتضاه.
_________
(^١) انظر: "المغني" (١٠/ ٣٥٠ - ٣٥١).
(^٢) قال الشوكاني في "نيل الأوطار" [(٦/ ٢٧٨)]: "وبه قال جماعة من الأئمة، منهم الصادق والباقر والناصر، واستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ﴾ [البقرة: ٢٢٧] فدلت على اعتبار العزم، والهازلُ لا عزم منه".
وأما حديث "ثلاث جدُّهُنَّ جِدّ وهَزْلُهُنَّ جِدّ: النكاح والطلاق والرجعة" المرويُّ في أبي داود [(٢١٩٤)] والترمذي [(١١٨٤)] فليس من مرويات الشيخين ولا من الصحيح لذاته ولا لغيره، ومثل هذا المقام يُحتاج فيه إلى القواطع كما لا يخفى.
قال الشوكاني: "حديث "ثلاث جدهن جد" في إسناده عبد الرحمن بن حبيب، وهو مختلف فيه، قال النسائي: منكر الحديث" الخ. (القاسمي)
وانظر للحديث: "نصب الراية" (٣/ ٢٩٣ - ٢٩٤)، و"التلخيص الحبير" (٣/ ٢٣٦)، و"إرواء الغليل" (٦/ ٢٢٤ - ٢٢٨).
1 / 51