كلامه (^١).
ومعلومٌ أن الغضبان الممتلئ أسوأ حالًا مِمَّن جنونُه مِنْ نشَافٍ، أو برسام، وأقلُّ أحواله أن يكون مثله. يوضِّحه:
الوجه السابع عشر: وهو أن الموسوس لا يقع طلاقه، صرَّح به أصحابُ أبي حنيفة وغيرهم (^٢)، وما ذاك إلا لعدم صِحة العقل والإرادة منه؛ فهكذا هذا.
الوجه الثامن عشر: أنه لم يَقُلْ أحدٌ إن مجرد التكلُّم بلفظ الطلاق مُوجِبٌ لوقوعه على أيِّ حالٍ كان، بل لابدَّ من أمرٍ آخر وراءَ التكلُّم باللفظ.
فطائفةٌ اشترطَتْ أن يأتيَ به في حال التكليف، فقط، سواءً قصَدَه أو جرى على لسانه من غير قصد، سواءً أُكِره عليه أو أَتَى به اختيارًا.
وهذا مذهبُ مِنْ يُوقِع طلاقَ المكره، والطلاقَ الذي يجري على لسان العبد من غير قصد منه. وهو المنصوص عن أبي حنيفة في الموضعين (^٣).
وطائفة اشترطت: مع ذلك أن يأتيَ باللفظ مختارًا، قاصدًا له. وهو
_________
(^١) "المغني" (١٠/ ٣٤٦).
(^٢) انظر: "حاشية ابن عابدين" (٤/ ٢٢٤)، و"مصنف أبن أبي شيبة" (٥/ ٣٣ - ٣٤)، و"المدونة" (٢/ ٦٨، ٨٣)، و"التاج والإكليل" (٥/ ٣٧٨)، و"الأم" (٦/ ٦٤٠ - ٦٤١).
(^٣) انظر: "المبسوط" (٢٤/ ٥٦ - ٥٧)، و"فتح القدير" (٣/ ٣٩).
1 / 50