292

============================================================

بحاملها مع قلة غنائها ونزارة ثمنها . ثم اجتهد فى ابتغاء صالح العمال، فان العامل من الملك بمنزلة السلاح من المقاتل . فاذا قعد بالوالى عمال الصدق، فقد نزل به ما ينزل بالمقاتل إذا بقى بلا سلاح . وليكن رأس ما تعمل به أن تعلم الناس أن معروفك لا يوصل إليه إلا بمعونتك على الحق، وتوطن أهل الباطل ومن يفسد فى الأرض أنفسهم منك على العقوبة الفادحة، فان بذلك تقوم ملكا وتعد حكيما: وبعد ! فانى لست آمن عليك [195/ الزلل فى الأمور بعد الاجتهاد، وليس يثبت العذر إلا بعد الاجتهاد فى درك الصواب . فاذا(1) اشتبكت بك الأمور وعميت عليك، فليكن مغزعك فيها إلى العلماء، فان أدنى غايات القضل(2) الذى يصلح عليه أمر الوالى أن يكون عنده من الرأى ما يعلم به فضل العالم على الحجاهل، وفضل خطر المرزية إذا وردت عليه . وقد قال أفلاطن : " من ميز عقول العقلاء استباتت له الأمور مثل ما يستبان من المصابيح فى ظلمة الليل " .

ولعل رأيك أن يؤديلك إلى أن بعض التاس يزدريك لاقتباسك منهم، أو يستخف بأمرك عندهم . فان عرض هذا بقلبك فاطرحه أشد الاطراح، فان الذى تسعد به من الأمور بالعلم وتفوز به من مخالفة أهل الحهل أفضل لك نفعا وأعظم خطرا من أن يعادله شىء سواه ، مع أن التاس فيك رجلان : عالم يزيدك عنده طلب العلم قضلا ، وجاهل لا يرغب فى موافقته . واعلم أنه ليس من أحد يخلو من عيب وفضيلة فلا منعناث عيب رجل من الاستعانة به فيما عتده من منفعة وفضيلة ولا تحملتك فضيلة رجل على الاستعانة فيما لا معونة عنده عليه . واعلم أن وجود أعوان السوء أضر عليك من فقدان أعوان الصدق . واعلم أن العدل ميزان الله فى أرضه : به يؤخذ للضعيف من القوى ، وللمحق من المبطل. فمن أزال ميزان الله - عز وجل (2) - عما وضع (1) له بين عباده جهل أعظم الحهالة، وأعور أشد الاعوار (5) ، واغتر بالله أشد الاغترار. واستعن على أمورك بخلتين : إحداهما (1) ط: واذا (2) ط : الفعل 2) عز وجل : ناقصة فى ط: (4) ط: عما وضعه بين،..

(5) الاعوار: الريبة، ورجل معور: قبيح السريرة: ومكان معور: مخوف: والاعور : الردىء من كل شىء :

Bogga 292