220

Hashiyat Tartib

حاشية الترتيب لأبي ستة

قوله: »يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القرآن سواء فأعلمهم بالسنة« ظاهر هذا الحديث يدل على أن الأقرأ أولى من الأفقه، وهو مذهب أبي حنيفة، وذهب مالك والشافعي إلى أن الأفقه أولى على ما ذكره في القواعد، ثم قال: وسبب الخلاف قوله عليه السلام: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله"، الحديث فمن فهم من الأقرأ أنه الأفقه قال: الفقيه أولى، ولأن الحاجة إلى <1/235> الفقه ماسة في الإمامة أمس من الحاجة إلى القراءة، وأيضا فإن الأقرأ من الصحابة هو الأفقه، مخالف لما عليه الناس اليوم، وأما أبو حنيفة فحمل الحديث على ظاهره فأوجب إمامة القارئ" انتهى، لكن قوله رحمه الله "فمن فهم من الأقرأ أنه الأفقه" إلخ فيه تأمل، فإن الظاهر أن هذا لا يناسبه بقية الحديث، فإنها تقتضي أنه غيره حيث قابل بينهما، وذكر لكل واحد منهما متعلقا، وأن المنظور إليه أولا هو الأكثر قراءة، ولا شك أنه ليس الأقرأ هو الأفقه ولو في زمن الصحابة رضي الله عنهم؛ فإنه من المعلوم أن أقرأهم أبي وأن معاذ بن جبل وابن عباس وعلي بن أبي طالب مثلا أعلم منه. نعم الصحابة كلهم يعلمون من السنة القدر الذي تحتاج إليه الصلاة والإمامة مثلا، فمن كان أكثر قراءة لكتاب الله يكون أولى بالإمامة، بخلاف هذا الزمان فإنه قد يكون الإنسان حافظا لكتاب الله ولا يحسن كيفية الوضوء والصلاة، فلا شك أنه في هذا الزمان يكون الفقيه أولى من الأكثر قراءة إلا أن يكون كل منهما عالما بالقدر الذي تحتاج إليه الصلاة والإمامة، فالظاهر حينئذ أن الأقرأ أولى بالإمامة عملا، بظاهر الحديث، ولم يبين صاحب القواعد رحمه الله ما هو المذهب من القولين لكن كلامه في التعليل يشعر باختيار الأفقه مطلقا، إلا أن يحمل على ما إذا تفاوتا في مسائل الصلاة، والله أعلم.

Bogga 221