16

Hashiyat Ibn Hajar Al-Haytami on Al-Idah in Hajj Rituals

حاشية ابن حجر الهيتمي على الإيضاح في مناسك الحج

Daabacaha

المكتبة السلفية ودار الحديث

Goobta Daabacaadda

بيروت

ومن علامات القبول أن يرجع خيراً مما كان ولا يعاود المعاصى


جابر رضي الله عنه سئل رسول الله ﷺ ما بر الحج قال إطعام الطعام وإفشاء السلام رواه الحاكم وصححه لكنه قال إطعام الطعام وطيب الكلام ورواه عبدالرزاق أيضاً وقال إطعام الطعام وترك الكلام أي الذي فيه معصية وهذا كله لا ينافي ما قاله الأصحاب وغيرهم لأن ما اعتبروه من عدم المعصية مطلقاً يؤخذ من التعبير المبرور الوارد في الحديث إذ هو مستلزم لذلك لأنه مأخوذ من البر وهو الطاعة والمبالغة فيها المدلول عليها بصيغتها تقتضي تجنب المعصية أصلاً ورأساً فإن قلت سلمنا ذلك لكن في الحديث زيادة وهي إطعام الطعام وإنشاء السلام قلت إن أريد الإطعام الواجب لاضطرار وجوه والسلام الواجب وهو الرد فهو داخل فيما قالوه وإن أريد الأعم فالقاعدة أنه يستنبط من النص معنى يخصصه وهو أن المدار هنا على مزيد الطاعة وهو حاصل بتجنب المعصية وإن لم يحصل إطعام لأنه كمال فقط فلا يتوقف عليه المحازاة بالجنة لما علم واستقر من القواعد أن المتكفل بها من غير عذاب هو الخلو عن المعصية فقط فتأمل ذلك فإنه مهم (قوله ومن علامات القبول) جواب لما يقال على القول قبله لا اطلاع لنا على القبول (قوله ولا يعاود المعاصي) ظاهره أنه يترك المعصية ولو صغيرة إلى الممات وفيه وقفة والأوجه حمله على أنه لا يرتكب مفسقاً ولا صغيرة ويصر عليها لأن اجتناب الكبائر مكفر الصغائر فكأنها لم تفعل ولا ينافي ذلك وجوب التوبة منها كما لا يخفى لأن عدم التوبة منها يستلزم الإصرار عليها وهو قد يكون كبيرة فوجبت التوبة منها لئلا يجر تركها إلى كبيرة فإن قلت الإصرار صغيرة فالاجتناب مكفر له أيضاً قلت قولهم إذا غلبت الصغائر الطاعات صار فاسقاً صريح في أنه لا فرق حينئذ بين أن تكون صغائره مكفرة أولا بل لا يأتي ذلك إلا إذا كانت مكفرة لأن كلامهم في الغلبة وضدها في غير مرتكب الكبيرة أما مرتكبها فهو فاسق مطلقاً غلبت طاعته أولا فإن قلت كيف يحكم على من مر بالفسق مع أنه لا ذنب عليه قلت التكفير من أمور الآخرة والحكم بالفسق المستلزم لوجوب التوبة ورد الشهادة ونحو ذلك من أمور الدنيا بناء على أن قوله تعالى إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم يحتمل أن المراد اجتنابها إلى وقت وقوع الصغيرة ويحتمل اجتنابها إلى الموت وهو ظاهر اللفظ وحينئذ فلم يتحقق التكفير قبل الموت فاتضح وجوب التوبة من الصغائر والنظر إلى أنها هل تغلب الطاعات أم لا ثم رأيت المصنف في المجموع قال في خبر مسلم ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأت كبيرة وذلك الدهر

16