Sheekada Ciise Ibnu Hishaam
حديث عيسى بن هشام
Noocyada
هذا جملة ما يذكر في طرب الغناء طولت فيه وأسهبت ليتبين لك منه القول الراجح والوجه الصالح.
الباشا :
تعالى الله ما شاء
وزاد الله إيماني
ما هذا الذي أراه من بحر العلم المتدفق والفكر المتعمق؟ وما هذا الإبداع والتفنن في أطراف المعقول والمنقول؟ وما هذا التضلع في علوم الأولين والآخرين؟ وما عهدت قبل اليوم في العلماء من اجتمع له مثل ما اجتمع للشيخ من دقة النظر وصحة القياس، وسعة الاطلاع في تواريخ الأمم على اختلاف ألسنتها وأجناسها، يتنقل في تقرير البرهان وشواهد البيان تنقل النحل على جنى الأزهار فيخرج بنا من التاريخ اليوناني إلى الروماني إلى الأوروبي إلى الإسلامي فعجبا له، أأعجمي وعربي؟ وشرقي وغربي؟ وكيف انفردت أيها الشيخ عن بقية إخوانك المشايخ ولم تأخذ بنهجهم في طريقهم، فتقف عند حد العلوم الشرعية والأقوال الفقهية، ثم خالفتهم إلى التوسع في العلوم الدنيوية والمباحث العقلية؟
الشيخ المتخلف :
لم أخالفهم إلا لأن العلم حق شائع في بني الإنسان، ونور ساطع يستضيء به جميع الأنام، فلا يختص به أهل إقليم دون إقليم، ولا أهل ملة دون ملة، ولا يقف الإنسان منه عند حد، ومن طلب العلم وارتاحت له نفسه لم يمنعه تخالف اللغات وتفرق الأجناس عن اجتناء ثمره من أي لسان كان وفي أية أمة كانت وفي أي عصر من العصور، وما في الأديان دين يبعث أهله ويحض بنيه على طلب العلم والتقاط الحكمة بأي وجه من الوجوه مثل الدين الإسلامي، ولكن قد فشا في علمائه داء الكسل، فاقتصروا في طلبهم للعلم على نيل رتبة العلماء دون العلم في ذاته، واعتقدوا أنهم على الهدى ومن سواهم في ضلال.
الباشا :
قل ما شئت في كسل علماء الدين الإسلامي وسواء تراخيهم واشتغالهم عن العلم لا بالعلم، ولقد بلوت مجلسا من مجالسهم ضاق منه صدري، وعيل صبري، ولا أزال كلما تذكرته جاش بي الهم والغم وتملكني الأسف والحزن، وأراك أيها الشيخ الفاضل أحسنت كل الإحسان بتوسعك في الاطلاع وتبحرك في طلب العلم، وتعلقك بأسباب العلوم الأوروبية، ولكنني مع ذلك لا أتمنى لجميع علماء الدين مثل ما أنت فيه خشية أن تلهيهم هذه العلوم عن علوم الشرع، وتستدرجهم إلى الخلط والخبط، وقل في الناس من يحكم نفسه للتوسط في الأمور والاعتدال في المطالب، والوقوف عند الحد، ولست أدري إلى اليوم، يعلم الله، أي العالمين أضل سبيلا وأسوأ مصيرا: العالم الذي يتخبط في ظلمات الخرافات، ويضرب في تيه الترهات ويغوص في لجج الأباطيل بلباس الدين، أم العالم الذي يوغل في علوم الأوروبيين، ويأتم بسنة المخالفين للدين ويغتر بتمويه المموهين فيضله الله على علم.
الصديق :
Bog aan la aqoon