كفه ويمضغ الشيء ويطعمه (إياه) (1) ويعوده بكرة وعشية، ويتبعه اتباع الفصيل إثر أمه، ويقول له وهو صغير: «هذا أخي ووصيي وناصري ووارثي»، وينيمه عنده، ويلصق جسمه بجسمه، ويشمه عرفه، ويلثمه ويقول: «حبيبي ونفسي وأبو ولدي»، هذا في صغره ومبتدأ أمره، وفي كبره لم يزل (2) ملازما لأمره ينفذ الأحكام، مفديا (3) له بنفسه في كل المواطن.
وهو الذي نام على فراشه، وباهى الله تعالى به ملائكته (4) وأمرهم بحراسته، وأنزل فيه: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) (5) وكان هذا منه أعظم من ذبح إبراهيم لإسماعيل، لأن إسماعيل صبر على الاضطجاع للذبح تحت يد أبيه، وهو (عليه السلام) صبر على القتل والذبح تحت أيدي المشركين والكافرين.
وهو الذي كان آخر عهده (6) به، كما كان أول عهده (7) به، كما قال (عليه السلام): «والله لقد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإن رأسه على صدري، وفاضت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد توليت تغسيله والملائكة أعواني، وضجت (8) الدار والأفنية بهم، ملأ يهبط، وملأ يعرج، وما فارقت أذني هينمة (9) منهم (10)، يصلون عليه حتى
Bogga 58